والجهادِ في سبيلِ اللّهِ ، فما أنتَ قائلٌ يا علي (٢٩)؟
فقال علي عليهالسلام ، بأبي أنت واُمّي أرجو بكرامةِ اللّه لكَ ومنزلتِه عندَك ونعمتِه عليك ، أن يعينَني ربّي ويثبّتَني ، فلا ألقاكَ بين يَدَي اللّهِ مُقصِّراً ولا مُتوانياً ولا مُفرّطاً ولا أمعِزُ وجَهك (٣٠) ، وقاهُ وجهي ووجوهُ آبائي واُمّهاتي بل تجدُني بأبي أنت وأُمّي مستمرّاً (٣١) متّبِعاً لوصيتِك ومنهاجِك وطريقِك ما دمتُ حيّاً حتّى أقدمُ بها عليكَ ، ثمّ الأوّلُ فالأوّلُ من وُلدي ، لا مُقصّرِينَ ولا مُفرّطين.
قال علي عليهالسلام ، ثمّ انكببتُ على وجهِه وعلى صدرِه (٣٢) وأنا أقول ، وا وحشتاه بعدَك بأبي أنتَ وأُمّي ، ووحشةِ ابنتِك وبَنيك (٣٣) بل وأطْوَلَ غمّي بعدَك يا أخي (٣٤) انقَطَعَتْ من منزلي أخبارُ السماء ، وفقدتُ بعدَك جبرئيل وميكائيل ، فلا أحسُّ أثَراً ولا أسمعُ حسّاً ،
______________________________________________________
(٢٩) في الخصائص ، فما أنت صانع يا علي؟
(٣٠) يقال : تمعَّز وجهه أي تقبّض ، وفي الخصائص ، ولا اصفّر وجهك.
(٣١) في المصدر ، مشمّراً ، أي متهيّئاً وماضياً فيها.
(٣٢) في الخصائص ، ثمّ أغمى صلّى الله عليه فانكببت على صدره ووجهه. واعلم انّه كان صلىاللهعليهوآلهوسلم يُغمى عليه كما يأتي التصريح به ثمّ يفيق ، من أثر السمّ الذي هما سمّتاه كما تلاحظه في حديث البحار ، ج ٢٨ ، ص ٢٠ ، ب ١ ، ح ٢٨.
(٣٣) في الخصائص ، وإبنيك.
(٣٤) تعبيره عليهالسلام ومخاطبته للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالاُخوّة يشعر بغاية التلهّف في ساعات الوداع.