فأغمى عليه طويلا ثمّ أفاقَ صلىاللهعليهوآلهوسلم. قال أبو الحسن عليهالسلام ، فقلتُ لأبي ، فما كان بعد إفاقتِه؟ قال : دَخَل عليه النساءُ يبكين وإرتفعَت الأصواتُ وضَجَّ الناسُ بالبابِ من المهاجرينَ والأنصار.
فبينا هم كذلك إذ نُودي ، أينَ عليٌّ؟ فأقبلَ حتّى دَخَل عليه.
قال علي عليهالسلام ، فانكببتُ عليه فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم :
يا أخي ، إفهَمْ فَهّمَكَ اللّهُ وسدَّدكَ وأرشدَكَ ووفّقكَ وأعانكَ وغفر ذنَبك ورفعَ ذِكركَ ، إعلم يا أخي إنّ القومَ سيُشغلهُم عنّي ما يُشغلُهم (٣٥) ، فإنّما مَثَلُكَ في الاُمّة مَثَلُ الكعبةِ نَصَبها اللّهُ للناسِ عَلَماً ، وإنّما تُؤتى من كلِّ فجّ عميق ونأي سحيق ولا تَأتي.
وإنّما أنتَ عَلَمُ الهُدى ، ونورُ الدين وهو نورُ اللّهِ يا أخي.
والذي بعثني بالحقِّ لقد قدّمتُ إليهم بالوعيد بعد أن أخبرتُهم رجلا رجلا ما افترضَ اللّهُ عليهم من حقِّك وألزَمَهُم من طاعتِك ، وكلٌّ أجابَ وسلّمَ إليكَ الأمر (٣٦) وإنّي لأعلمُ خلافَ قولهم.
فإذا قُبضتُ ، وفرغتَ من جميع ما أُوصيك به (٣٧) وغيّبتَني في قبري ، فالزم بيتَك واجمعِ القرآنَ على تأليفِه ، والفرائضَ والأحكامَ على تنزيلِه ، ثمّ امضِ على غير لائمة
______________________________________________________
(٣٥) في الخصائص ، سيشغلهم عنّي ما يريدون من عرض الدنيا وهم عليَّ واردون فلا يشغلك عنّي ما شغلهم.
(٣٦) في الأصل ، فكلٌ أجاب إليك وسلّم الأمر لك وإنّي لأعرف خلاف قولهم.
(٣٧) في الخصائص ، ما وصيّتك به.