ومَن لم يَستشِرْ ينَدم (٤٨) ، كما تدين تُدان (٤٩) ، والفقرُ الموتُ الأكبرُ (٥٠) فقيل له ، الفقرُ من الدينارِ والدِّرهم؟ فقال : الفقرُ من الدّين.
يا علي ، كلُّ عين باكيةٌ يومَ القيامة (٥١) إلاّ ثلاثة أعين ، عين سَهَرتْ في سبيلِ اللّه (٥٢) ، وعينٌ غَضَّتْ عن محارمِ اللّه (٥٣) ،
______________________________________________________
(٤٨) فإنّ الإستشارة من العاقل بحدودها كما مرّ توجب البصيرة في الأمر والرشد في العمل ، فإذا لم يستشر لم يكن فعله على بصيرة فيوجب تعقّب الندامة.
(٤٩) فمن دان الناس بالمعروف أُحسن إليه ، ومن دان الناس بالسيّئة أُسيء إليه ، والدنيا مزرعة يحصد فيها كلٌّ ما يزرعه إنْ كان خيراً فخير وإنْ كان شرّاً فشرّ ، فكما تدين تُدان.
(٥٠) أي أنّ الفقر يقارنه الموت الأكبر.
لا الفقر بمعنى الإحتياج إلى المال الذي هو شعار الصالحين ، بل الفقر بمعنى إعواز الدين الذي هو أشدّ من القتل ، وأسوء من الموت لأنّه المؤدّي إلى الهلاك الاُخروي فهو الموت الأكبر للإنسان.
فلاحظ لهذا المعنى أحاديث الباب وقد تقدّمت الإشارة إليها ، وتدبّر في نفس رواية الوصيّة وصراحتها.
(٥١) فإنّ هول المطّلع وخوف الحساب يوجبان الحزن والبكاء.
(٥٢) السَّهَر ـ بفتحتين ـ ، هو عدم النوم في الليل كلّه أو بعضه ، فلا تبكي عين باتت ولم تنم في طريق طاعة الله تعالى كالعلم ، والعبادة ، وتلاوة القرآن ، وسلوك الحجّ والزيارة ونحوها.
(٥٣) الغضْ هو عدم النظر ، يقال غضّ بصره أي خفضها ولم ينظر ، فلاتبكي عين لم تنظر إلى ما حرّم الله النظر إليه وأمر بغضّ البصر عنه.