فقلتُ ، يا رسولَ اللّه أَوَلَيس [ قد ] قلتَ لي يوم أُحُد حيث استُشهِدَ مَن استُشهِدَ من المسلمين وحِيزَتْ (٦) عنّي الشهادةُ فشقَّ ذلكَ عَليَّ فقلتَ لي ، « أبْشِرْ فإنّ الشهادةَ من ورائِك »؟ فقال لي ، « إنّ ذلكَ لكذلك (٧) فكيف صبرُك إذاً؟ » (٨).
فقلت ، يا رسولَ اللّه ليس هذا من مواطن الصبر ، ولكن من مواطِن البُشرى والشُكر (٩).
______________________________________________________
بهذا الأصلع عن يميني علي بن أبي طالب ، فإنْ سلك الناس كلّهم وادياً فاسلك وادي علي وحُل عن الناس.
يا عمّار ، إنّ عليّاً لا يرُدّك عن هُدى ، ولا يردك إلى ردى.
يا عمّار ، طاعة علي طاعتي وطاعتي طاعة الله ».
(٦) حيزت ، أي مُنعت.
(٧) أي أنّ الشهادة واقعة لا محالة وستكون شهيداً.
(٨) أي كيف يكون صبرك إذا هُيّئت لك الشهادة. وهذا السؤال من الرسول لأجل الإبانة عن علوّ همّته عليهالسلام والإفصاح عن ثبات قدمه في جنب الله تعالى ، وإلاّ فهو صلوات الله عليه وآله عارف بصبره عليهالسلام في مقابل الأسنّة والرماح ، وإلقاء نفسه في لهوات الموت عند الكفاح.
(٩) وهذا شأن أهل الحقّ واليقين وأولياء الله المقرّبين ، يستبشرون بالموت في سبيل الله ، والنيل إلى رضوان الله ، وهو القائل ، « والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي اُمّه » (١) لذلك تراه عليهالسلام هنا يجعل الشهادة من مواطن
__________________
١ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ٥ ، ص ٥٢ ، من طبعة صبحي الصالح.