وأنهاكَ عن التَسرّعِ بالقولِ والفعل (١٠) ، وإذا عَرَض شيءٌ من أمرِ الآخرة فابدأ به (١١) ، وإذا عَرَض شيءٌ من أمرِ الدنيا فتأنَّه (١٢) حتّى تصيب رشدَك فيه ، وإيّاكَ ومواطن التُّهمة (١٣) والمجلس المظنون بهِ السُوء ، فإنّ قرينَ السوءُ يغيُّر جليسه (١٤) ، وكُن للّه يا بُنيّ عاملا ، وعن الخَنا (١٥) زَجوراً ، وبالمعروفِ آمراً ، وعن المنكرِ ناهياً ، وواخِ الاُخوانَ في اللّه ، وأحبَّ الصالحَ لصلاحِه ، ودارِ (١٦) الفاسقَ عن دينك ، وابغَضْهُ بقلبِك ، وزايلْه بأعمالِك ، لئلاّ تكونَ مثلَه.
______________________________________________________
(١٠) أي أنهاك عن الإسراع والمبادرة إليهما بدون تأمّل وتدبّر ، فإنّه يورث الندامة.
(١١) فإنّ أمر الآخرة الدائمة مقدَّمٌ على أمر الدنيا الزائلة.
(١٢) من التأنّي بمعنى الترفّق والتنظّر وعدم العجلة في الأمر ، وفي بعض النسخ المطبوعة فتأنَّ.
(١٣) أي المواضع التي يتَّهم الإنسان بالسوء إذا حضرها ، وإنْ لم يأت بسيّئة فيها لسوء سمعة تلك المواضع.
(١٤) وهذه من الحِكَم المجرّبة فإنّ صاحب الشرّ يُعدي ، وقرين السوء يغوي ، والمعاشرة مؤثّرة ، مع أنّ المرء يعرف بقرينه ، فينبغي إجتناب قرين السوء ، وإنتخاب القرين الصالح.
لذلك جاء في وصيّته عليهالسلام الاُخرى ، « قارن أهل الخير تكن منهم ، وباين أهل الشرّ تَبين عنهم ».
(١٥) الخَنا مقصوراً هو الفحش من القول.
(١٦) من الدّرء بمعنى الدفع ، أي ادفعه عن دينك ، لا بمعنى المداراة ظاهراً.