وإيّاكَ والجلوس في الطُرُقات ، ودع المُماراةَ (١٧) ومجاراةَ من لا عقل له ولا علم (١٨). واقتصِد يا بني في معيشتِك ، واقتصدْ في عبادِتك (١٩) ، وعليك فيها بالأمرِ الدائمِ الذي تطيقه. والزَم الصّمتَ تَسْلم وقَدِّم لنفسِكَ تَغْنم ، وتَعلَّم الخيَر تَعْلَم ، وكنْ للّهِ ذاكراً على كلِّ حال ، وارحمْ من أهلِك الصَّغير ، ووقِّر منهُم الكبير ، ولا تأكلَنَّ طعاماً حتّى تصدَّق منه قبلَ أكله (٢٠).
______________________________________________________
(١٧) المماراة هي المجادلة ، وقد أُمرنا بترك المجادلة فيما فيه مريةٌ وشكّ لأنّها تؤول إلى العداوة والبغضاء.
(١٨) المجارات هي المجرى في المناظرة والجدال ومجارات من لا عقل له ولا علم أي الخوض معه في الكلام شيءٌ عبث فيُترك ، نعم يحسن تعليم الجاهل لا مناظرته والجدال معه.
(١٩) مرّ أنّ القَصْد بمعنى الإعتدال ، وحكمة الإعتدال هنا هو أنّه يطيقه الإنسان ويدوم عليه ولا يوجب له العسر والحرج. لذلك قال عليهالسلام ، وعليك فيها بالأمر الدائم الذي تطيقه.
(٢٠) فإنّه يُستحبّ التصدّق ممّا يؤكل ، وفي حديث معمّر بن خلاّد الوارد في البحار ، كان أبو الحسن الرضا عليهالسلام إذا أكل أُتي بصحفة فتوضع قرب مائدته فيعمد إلى أطيب الطعام ممّا يؤتى به ، فيأخذ من كلّ شيء شيئاً فيوضع في تلك الصحفة ثمّ يأمر بها للمساكين. ثمّ يتلو هذه الآية ( فلا اقتَحَمَ العَقَبةَ ) ثمّ يقول : علم الله عزّوجلّ أنْ ليس كلّ إنسان يقدر على عتق رقبة ، فجعل لهم السبيل إلى الجنّة (١).
__________________
١ ـ بحار الأنوار ، ج ٦٦ ، ص ٣٤٨ ، ب ٨ ، ح ٣.