(إِنَّ ذلِكَ) إن حفظه بغير كتاب هين على الله تعالى.
(وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [فاطر : ١٢].
(فُراتٌ) أي عذب كقولهم حسن جميل.
(أُجاجٌ) مرّ من أجة النار كأنه يحرق لمرارته. (لَحْماً طَرِيًّا) الحيتان منهما.
(وَتَسْتَخْرِجُونَ) الحلية من الملح دون العذب ، أو في البحر الملح عيون عذبة يخرج اللؤلؤ فيما بينهما عند التمازج ، أو من مطر السماء.
(لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) بالتجارة في الفلك.
(وَلا تَزِرُ) لا تحمل نفس ذنوب أخرى ومنه الوزير لتحمله أثقال الملك بتدبيره.
(وَإِنْ تَدْعُ) نفس مثقلة بالذنوب إلى تحمل ذنوبها لم تجد من يحمل عنها شيئا وإن كان المدعو للتحمل قريبا مناسبا ولو تحمل ما قبل تحمله لقوله تعالى (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ.)
(بِالْغَيْبِ) في السر حيث لا يراه أحد أو في التصديق بالآخرة.
(وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ) [فاطر : ١٩ ـ ٢١].
(وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى) فيه قولان أحدهما : أن هذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن والكافر كما لا يستوي الأعمى والبصير ولا تستوي الظلمات ولا النور ولا يستوي الظل ولا الحرور لا يستوي المؤمن والكافر. قاله قتادة. الثاني : أن معنى قوله وما يستوي الأعمى والبصير أي عمى القلب بالكفر وبصره بالإيمان ولا تستوي ظلمات الكفر ونور الإيمان ولا يستوي ظل الجنة وحرور النار ، والحرور : الريح الحارة كالسموم قال الفراء : الحرور بالليل والنهار والسموم لا يكون إلا بالنهار وقال : لا يكون الحرور إلا مع شمس النهار والسموم يكون بالليل والنهار وقيل : الحرور الحر والظل البرد.
(وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) [فاطر : ٢٢].
(وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ) كما لا يستوي الحي والميت فكذلك لا يستوي المؤمن والكافر أو الأحياء المؤمنون أحياهم إيمانهم والأموات الكفار أماتهم كفرهم أو العقلاء والجهال.
(وَلَا) صلة مؤكدة أو نافية. (يُسْمِعُ) يهدي. (مَنْ فِي الْقُبُورِ) كما لا تسمع الموتى كذلك لا تسمع الكافر أو لا تسمع الكافر الذي أماته الكفر حتى أقبره في كفره.