وقع في كوة المحراب فدنا ليأخذه فانقض فاطلع لينظره فأشرف على امرأة تغتسل فلما رأته غطت جسدها بشعرها وكان زوجها في الغزاة فكتب داود إلى أميرهم أن يجعل زوجها في حملة التابوت وكان حملة التابوت إما أن يفتح عليهم ، أو يقتلوا فقدمه فيهم فقتل فخطب زوجته بعد عدتها فشرطت عليه إن ولدت غلاما أن يكون الخليفة من بعده وكتبت عليه بذلك كتابا فأشهدت فيه خمسين رجلا من بني إسرائيل فلم يشعر بفتنتها حتى ولدت سليمان وشبّ ، وتسور الملكان المحراب ولم يكونا خصمين ولا بغى أحدهما على الآخر وإنما قالا ذلك على الفرض والتقدير إن أتاك خصمان فقالا : كيت وكيت.
(إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ) [ص : ٢٢].
(فَفَزِعَ) لتسورهم من غير باب ، أو لإتيانهم في غير وقت جلوسه للنظر. (بِالْحَقِّ) بالعدل. (تُشْطِطْ) تمل ، أو تجر ، أو تسرف ، مأخوذ من البعد شطت الدار بعدت ، أو من الإفراط.
(سَواءِ الصِّراطِ) أرشدنا إلى قصد الحق ، أو عدل القضاء.
(إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) [ص : ٢٣].
(أَخِي) صاحبي ، أو على ديني. (نَعْجَةً) ضرب النعجة مثلا لداود ، أو المرأة تسمى نعجة.
(أَكْفِلْنِيها) ضمها إليّ ، أو أعطنيها أو تحول عنها.
(وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) قهرني في الخصومة ، أو غلبني على حقي من عزّبزّ أي من غلب سلب ، أو إن تكلم كان أبين مني وإن بطش كان أشد مني وإن دعا كان أكثر مني.
(قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ) [ص : ٢٤].
(لَقَدْ ظَلَمَكَ) حكم عليك بالظلم بعد إقراره. وحذف ذكر الإقرار اكتفاء بفهم السامعين ، أو تقديره إن كان الأمر كما تقول فقد ظلمك.
(وَقَلِيلٌ ما هُمْ) وقليل منهم من يبغي بضعهم على بعض ، أو قليل من لا يبغي بعضهم على بعض و (ما) صلة مؤكدة أو بمعنى الذي تقديره : قليل الذين هم كذلك.
(وَظَنَّ داوُدُ) علم.