بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [النور : ٦١].
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى ... الْمَرِيضِ) كان الأنصار يتحرجون من الأكل مع هولاء إذا دعوا إلى طعام ويقولون الأعمى لا يبصر أطيب الطعام ، والأعرج لا يقدر على الزحام عند الطعام ، والمريض عن مشاركة الصحيح في الطعام ، فكانوا يعزلون طعامهم ، ويرون أنه أفضل من مشاركتهم فنزلت الآية رافعة للحرج في مؤاكلتهم ، أو كان الأنصار يستخلفون أهل الزّمانة المذكورين في منازلهم إذا خرجوا للجهاد فكانوا يتحرجون أن يأكلوا منها فرخص لهم أن يأكلوا من بيوت من استخلفهم ، أو نزلت في سقوط الجهاد عنهم ، أو لا جناح على من دعي منهم إلى وليمة أن يأخذ معه قائده.
(بُيُوتِكُمْ) أموال عيالكم وزوجاتكم لأنهم في بيته ، أو أولادكم فنسبت بيوت الأولاد إليهم كقوله : «أنت ومالك لأبيك» ولذلك لم تذكر بيوت الأبناء ، أو البيوت التي أنتم ساكنوها خدمة لأهلها واتصالا بأربابها كالأهل والخدم.
(أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ .. خالاتِكُمْ) أباح الأكل من بيوت هؤلاء إذا كان الطعام مبذولا غير محرز ، فإن مكان محرزا فلا يجوز هتك الحرز ، ولا يتعدى إلى غير المأكول ولا يتجاوز الأكل إلى الادخار.
(مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) وكيل الرجل وقيّمه في ضيعته يجوز أن يأكل مما يقوم عليه من ثمار الضيعة ، أو يأكل من منزل نفسه ما ادخره ، أو أكله من مال عبده.
(صَدِيقِكُمْ) في الوليمة خاصة ، أو في الوليمة وغيرها وإذا كان الطعام غير محرز ، والصديق واحد يعبّر به عن الجمع ، قال الرسول صلىاللهعليهوسلم : «قد جعل الله في الصديق البار عوضا من الرحم المذمومة» والصديق : من صدقك عن مودته ، أو من وافق باطنه باطنك كما يوافق ظاهره ظاهرك ، وما تقدم ذكره محكم لم ينسخ منه شيء ، قاله قتادة : أو نسخ بقوله تعالى : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِ) [الأحزاب : ٥٣] وبقوله : «لا يحل مال أمرى مسلم .. الحديث» (١).
(أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً) كان بنو كنانة في الجاهلية يرى أحدهم أنه يحرم عليه الأكل وحده
__________________
(١) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (٤ / ٣٨٧ ، رقم ٥٤٩٢) ، وفي السنن الكبرى (٦ / ١٠٠ ، رقم ١١٣٢٥).