فإن الله تعالى أنزل بمكة إياسي من كل خير. (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ ..) الآية [الفرقان : ٦٨] وأن وحشيا قد زنا وأشرك وقتل النفس فأنزل الله تعالى : (إِلَّا مَنْ تابَ) من الزنا وآمن بعد الشرك وعمل صالحا بعد السيئات الآية. فكتب بها الرسول صلىاللهعليهوسلم إليه فقال : هذا شرط شديد ولعلي لا أبقى بعد التوبة حتى أعمل صالحا. فكتب إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم هل من شيء أوسع من هذا. فنزلت (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ..) الآية [النساء : ٤٨] فكتب بها الرسول صلىاللهعليهوسلم إلى وحشي فقال : إني أخاف أن لا أكون من مشيئة الله فنزل في وحشي وأصحابه (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا ..) الآية [الزمر : ٥٣] فبعث بها إلى وحشي فأتى الرسول صلىاللهعليهوسلم فأسلم.
(وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) [الفرقان : ٧٢].
(الزُّورَ) الشرك بالله ، أو أعياد أهل الذمة وهو الشعانين ، أو الغناء ، أو مجالس الخنا ، أو لعب كان الجاهلية ، أو الكذب ، أو مجلس كان النبي صلىاللهعليهوسلم يشتم فيه.
(بِاللَّغْوِ) كان المشركون إذا سبوهم وأذوهم أعرضوا عنهم وإذا ذكروا النكاح كفوا عنه ، ويكنون عن الفروج إذا ذكروها ، أو إذا مروا بإفك المشركين أنكروه ، أو المعاصي كلها ومرورهم بها.
(كِراماً) تركها والإعراض عنها.
(وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً) [الفرقان : ٧٣].
(لَمْ يَخِرُّوا) لم يقيموا ، أو لم يتغافلوا.
(صُمًّا وَعُمْياناً) لكنهم سمعوا الوعظ وأبصروا الرشد.
(وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) [الفرقان : ٧٤].
(مِنْ أَزْواجِنا) اجعل أزواجنا وذريتنا قرة أعين أو ارزقنا من أزواجنا أولادا ومن ذريتنا أعقابا ، وقرة العين : أن تصادف العين ما يرضيها فتقر على النظر إليه دون غيره ، أو القر البرد معناه برّد الله دمعها ، دمع السرور بارد ، ودمع الحزن حار ، وضد قرة العين سخنة العين.
(قُرَّةَ أَعْيُنٍ) أهل طاعة تقر أعيننا في الدنيا بصلاحهم وفي الآخرة بالجنة.
(إِماماً) أئمة هدى يهتدى بنا ، أو نأتم بمن قبلنا حتى يأتم بنا من بعدنا ، أو أمثالا ، أو
__________________
النبي صلىاللهعليهوسلم مع وفد أهل الطائف ، كما شارك في قتل مسيلمة. انظر الإصابة في تمييز الصحابة (٦ / ٦٠١ ، ترجمة ٩١١٥).