(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [التحريم : ٦].
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) قال خيثمة كل ما في القرآن. (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فهو في التوراة يا أيها المساكين وقال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه إذا قال الله تعالى : «يا أيها الذين آمنوا فارعها سمعك فإنها خير تؤمر به أو شر تنهى عنه».
(قُوا أَنْفُسَكُمْ) اصرفوا عنها النار. (وَأَهْلِيكُمْ) فليقوا أنفسهم أو قوا أنفسكم ومروا أهليكم حتى يقيكم الله تعالى بهم أو أنفسكم بأفعالكم وأهليكم بوصيتكم إياهم بالطاعة وترك المعصية أو بتعلم الفروض وآداب الدنيا أو بتعلم الخير والأمر به وتعلم الشر والنهي عنه. (وَالْحِجارَةُ) المعبودة أو حجارة الكبريت أو ذكر الحجارة لينبه على أن ما أحرق الحجارة فهو أبلغ في أحراق الناس. (غِلاظٌ) القلوب. (شِدادٌ) الأبدان.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [التحريم : ٩].
(جاهِدِ الْكُفَّارَ) بالسيف. (وَالْمُنافِقِينَ) بالغلظة أو بالقول أو بإقامة الحدود أو بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وليلقهم بوجه مكفهر. (وَاغْلُظْ) بالقول الزجر أو بالإبعاد والهجر.
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [التحريم : ١٠ ـ ١١].
(فَخانَتاهُما) بالكفر أو النفاق ما بغت امرأة نبي قط أو بالنميمة إذا أوحي إليهما أفشتاه إلى المشركين أو كانت امرأة نوح تخبر الناس أنه مجنون وتخبر الجبابرة بمن آمن به.
وإذا نزل بلوط ضيف دخنت امرأته لتعلم قومها به لما كانوا عليه من إتيان الرجال.
(فَلَمْ يُغْنِيا) عن امرأتهما شيئا من عذاب الله. مثل ضربه الله تعالى يحذرهما به لعائشة وحفصة لما تظاهرتا على رسوله ثم ضرب لهما مثلا بمريم وامرأة فرعون لما اطلع فرعون على إيمانها خرج الملأ فقال : ما تعلمون من آسية بنت مزاحم فأثنوا عليها خيرا قال : فإنها تعبد ربا غيري قالوا اقتلها فأوتد أوتادا وشدّ يديها ورجليها فقالت.
(رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) الآية فنظرت إلى بيتها في الجنة فضحكت فقال فرعون : ألا تعجبون من جنونها إنا لنعذبها وهي تضحك فقبضت روحها.