علاقات الانسان بالعلم والفن والقيم الأخلاقية بحجة ان توجه الانسان الى هذه الأمور يوجب الغفلة عن ذاته وشخصيته فلو كان المادي عارفاً بالاثار البنائة للتدين لما تصور أن التدين يوجب غياب الشخصية الانسانية.
أن المادي يتصور أن الله ـ كأي حاكم جائر مستبد ـ يلتذ من خضوع العباد له وتذللهم امامه ، كما ويلتذ من انسحاق شخصيتهم وانهيار كرامتهم وانسلاب ارادتهم ، مع أن للعبادة معنى آخر غير هذا وهو ان الانسان عند ادراكه الكمال المطلق يرى نفسه ـ بالوجدان والذات ـ ضعيفاً وصغيراً ازاءه.
كما انه بالوقوف على نعمه واحسانه وتفضله في حقه يندفع بنفسه الی تقديره بعبادته ، وشكره بالخضوع أمامه.
وعلى هذا الأساس لا يكون التدين والخضوع لله وعبادته هدماً للشخصية الانسانية ، ونسياناً أو تناسياً لها ، انما هو خضو ع بعد ادراك الكمال ، أو تقدیر بعد الوقوف على ماله من الانعام والافضال.
ب ـ جذور التدين في الشخصية الانسانية
لقد اثبت الالهيون بأن التدين امر فطري في ذات الانسان وجوهره ، وجبلته وان التوجه اليه سبحانه تلبية طبيعية لنداء صادر من اعماق ذاته ، وان ذاته قد فطرت على هذا الأمر ، وعجنت به عجناً فلا يمكن حذف التدين من قاموس حياته ولا يمكنه تر كه مطلقاً.
وعلى هذا الأساس لا يكون التدين والتوجه الى الخالق المتعال غفلة عن الذات بل هي استجابة لنداء الذات ، وتلبية لطلبها ، تماماً مثل التوجه الى سائر الأمور الغريزية ، والفطرية ، فهما في هذا الناحية شرع سواء.
فحب الاستطلاع ، وحب القيم الأخلاقية ، والرغبة في الفن ، والجمال