وغيرها مما فطر عليه الانسان والانسياق وراء هذه الأمور لا يكون ـ مطلقاً ـ انقطاعاً عن الشخصية ، وابتعاداً عنها ، ونسيانا لها ، بل هو عين التوجه الى الشخصية ، وعين الانتباه اليها.
وبذلك يتجلی معنی قول الله سبحانه في القرآن الكريم :
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّـهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ (الحشر ـ ١)
فنسیان الله والغفلة عنه غفلة عن الشخصية الانسانية.
وقد قال الامام علي عليه السلام : «من نسي الله أنساه نفسه وأعمى قلبه» (١).
وسنتحدث عن هذه الحقيقة في الصفحات القادمة بشكل مفصل.
ج ـ مكانة المعلول بالنسبة الى العلة
ان البراهين الفلسفية أثبتت أن المعلول مرتبط بعلته وقائم بها ، وانه لا يمكن قطع هذه الرابطة اذ ان قطعها مساوق لعدم المعلول.
وموقف الانسان بالنسبة الى الله سبحانه هو موقف المرتبط الى المرتبط به ، والعالق الى المعلّق به ، فالغفلة عن هذه العلقة وهذا الارتباط ، غفلة عن شخصية الانسان ، اذ ليست الشخصية الانسانية ـ بحسب الواقع ـ الا الشخصية العالقة القائمة بالغير.
فنسیان تلك العلاقة وذلك الارتباط جهل أو تجاهل بالواقعية التي عليها الانسان ولاجل ذلك لا يصح لانسان مرتاد للحقيقة أن يجهل واقعيته وشخصيته بحجة أن التدين يوجب غربة الانسان عن ذاته ، اذ الغربة انما هي بجهله بواقعیته لا بعلمه بها.
ثم ان ماركس عمم هذه المقالة التي أبطلناها (وهي أن التدين يوجب
__________________
(١) غرر الحكم.