الأمور الفطرية والأمور العادية :
أن النظرة الفاحصة تقودنا إلى أن القضايا والأشياء التي تسود في حياة الانسان أو يأخذ بها تتنوع الى نوعين :
(النوع الاول) ما يكون أخذ الانسان بها ، وتعامله معها وانسياقه اليها بدافع الطبيعة البشرية المحضة ، وبدعوة الجبلة والخلقة من دون تأثير العوامل الخارجية من اقتصادية أو جغرافية أو سياسية أو غيرها ، وتسببها في ذلك.
وبعبارة أخرى : أن هذا النوع هو تلك الأمور التي يندفع اليها الأنسان في كل زمان ومكان ، وفي كل عصر ومصر ، لا تحت الظروف الطارئة المختلفة والمتغيرة بل بطلب من طبيعته وخلقته ، بحيث ان طبيعته تقتضي ذلك ، وتتطلبه وتلازمه ملازمة الزوجية للاربعة بغض النظر عن اختلاف الزمان والمكان.
فكما أن الاربعة تقتضي بطبيعتها ولذاتها الزوجية دون دخالة الظروف والأحوال ، وبغض النظر عن العاد والمعدود ، كذلك تقتضي خلقة الانسان هذه الامور وتطلبها بذاتها لا لخصوصية الزمان والمكان أو غيرها من العوامل الخارجية الاخرى.
وهذا القسم هو ما يطلق عليه وصف «الامر الفطري».
(النوع الثاني) ما يكون أخذ الانسان بها ، وجريه وراءها تحت ضغط الظروف والاحوال الخارجة عن خلقة الانسان وجبلته ، بحيث لو تغيرت هذه الظروف ، أو انتفت عدل الانسان عنها ولم يجر وراءها ، فهي مفروضة عليه من خارج لا من داخل الذات ، وهي تتغير بتغير العوامل الخارجية وتتبدل بتبدلها على العكس من الامور الفطرية التي تنبع من داخل النفس ، وتقتضيه الطبيعة البشرية بما هي وتلازمه وهذا النوع يسمى بالأمور العادية.