وتوضيحاً لهذين النوعين من الامور تمثل بالامثلة التالية لا على سبيل الحصر.
١) : ان الحنان الذي تبديه الام تجاه ولدها هو أحد الأمور الفطرية لدى الام بدليل ان هذه الخصيصة تلازم جميع الأمهات في جميع الأمصار والاعصار ، وهذا يكشف عن ان هذه الحالة مغروسة في ذات الانثى وان هذا الانجاب الامومي نحو الطفل والوليد نابع من طبيعتها ومعجون بجبلتها لا انه شيء مفروض عليها من الخارج بفعل الظروف ، والمؤثرات الخارجية.
ولهذا تعمد كل انثى ـ في صغرها ـ الى اتخاذ تماثيل الأطفال ، وتمثل كل ما تقوم به الامهات من حضانة ورعاية وارضاع وما شابه من مظاهر الحنان الأمومي وهذه الحالة تظهر في أجلى مظاهرها حينما تغدو أماً حقيقية وذات طفل حقيقي.
وتقابل هذا الأمر مسألة اختيار الناس لكيفية الملبس والزينة ، وهندسة البيوت والمنازل ، ونوعية الأشربة والأطعمة ، فان اشكالها وكيفياتها تتبع الظروف والاحوال المحيطية والخارجية ، وليست هذه الأشكال والكيفيات بخصوصها مما تحتمه الطبيعة الانسانية أو تفرضها جبلة البشر بحيث لا يمكنه أن يحيد عنها.
ولهذا لا يتفق فيها الناس بل تتعدد مسالكهم واختياراتهم فيها ، تبعا للتقاليد ، والظروف الجغرافية أو الثقافية أو السياسية أو غيرها ، وان كان أصل الميل الى المأكل والمسكن ، والحاجة اليهما حاجة فطرية ، وأصل الرغبة في الزينة والتجميل أمرا طبيعيا مغروسافي ذات البشر ، وانجذاباً جبلياً لا يسع الانسان التخلي عنه ، أو تجاهله وتغافله.
٢) الناس جميعا يميلون بطبعهم الى العدل والقسط ، ويكرهون الحيف والظلم وينفرون منهما اذا تجردوا عن سائر العوامل التي تقهرهم على تجاهل