الى الزواج والنهي عن العزوبة ، والنهي عن الزواج ببعض المحارم وغيرها.
فان هذه الأمور مما تقتضيها الفطرة البشرية السليمة السوية وتوافق عليها الجبلة الانسانية حيث تميل بطبعها الى خيرها ، وتنفر عن شرها.
ولكن هذا البحث غير مطروح هنا ، وقد يبحث في مباحث النبوة.
الثانية : أن فطرية التدين والاعتقاد بالله تعتبر من الأدلة القوية على وجود الله سبحانه غير أن هناك فرقاً بين دلالة الفطرة على وجود الله ودلالة البرهان العقلي على وجوده سبحانه ، فمما ذكرناه في معنى الفطرة ، وان التدين والايمان الفطري يعني انجذاب الانسان بحكم فطرته الى الله ، واقبال روحه علیه سبحانه بشكل ذاتي وطبيعي ، اتضح أن ذلك ليس وليد البرهنة والاستدلال ، بل هو أمر «وجداني» يجده كل انسان اذا توجه الى فطرته السليمة والتفت الى ما يحسه من الانجذاب الروحي ـ في نفسه ـ إلى الله وبهذا لا يكون دليل الفطرة مما يمكن تجسيده للاخرين ولا اقامته للطرف الاخر ، لكونه احساساً شخصياً.
وهذا بخلاف الاعتقاد بالله عن طريق الاستدلال العقلي فانه وليد البرهنة والتفكر واقامة الصغرى والكبرى بحيث لولا هذه المقدمات لما حصل الاعتقاد ولهذا يمكن اقامته للاخرين كما ستعرف.
الثالثة : أن غاية ما تثبته الفطرة البشرية هو أصل وجود الله دون بقية الأمور الاعتقادية مما تتصل بصفات الله الجلالية والجمالية فذلك كله لا يعرف الا من طريق العقل والنظر ، فان الفطرة لا تثبت الا ان هناك «قوة عليا» هي فوق كل قوة ، وهي القادرة على اعانته ، واغاثته ، وجبر ضعفه ، وان هناك صاحبا له يلوذ به عند الشدائد ، والنوائب ، ويلجأ اليه عند المصائب.
كما أن الفطرة ربما تثبت وحدانية الله أيضاً ، وهذا هو كل ما تثبته لا أكثر.