وتتعلق به أشد التعلق فتعكتف عند بابه ، وتعتقد بان له كل التأثير في حياتها ، إلى درجة انها لا ترى للحياة معنی بدون التعلق به ، ولهذا تفدي في سبيله بالنفس والنفيس والغالي والرخيص ، وهو من أقوى الأشياء في الواقعية وأشدها في الخفاء وان كان من أظهرها في الآثار والتجليات.
ولقد كان هذا الاعتقاد ولا يزال من أقوى العوامل التاريخية الباعثة على سلسلة من الحروب ، كما كان وراء الكثير من حالات الصلح والهدنة والوفاق أحياناً أخرى.
ان المشاهدة والملاحظة تشهدان ـ بما لا ريب منه ـ على ان الانسان يرمق ـ في مصيره ـ قمة شامخة ، وان الجميع يحاول الوصول اليها بالعبادة والرياضة والعشق ، وقد بلغ تشوق الانسان الى هذا الأمر أحياناً إلى درجة انه تحت وسائل غير صحيحة للبلوغ الى تلك القمة السامقة ، والوصول الى تلك الذروة العالية بعبادته وتخضعه ، كما هو الحال في عبدة الأصنام حيث اتخذوا أصناماً لتقربهم إلى الله زلفی كما يقول القرآن الكريم :
وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّـهِ (یونس ـ ١٨)
وقال :
وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّـهِ زُلْفَىٰ (الزمر ـ ٣)
ان الاعتقاد بالله قد أوجد فنوناً وخلق حركات بديعة ، وأحدث علوماً ، وتسبب في ظهور الكثير من الاداب ، وكان وراء بعثة طائفة من صفوة البشرية هم الأنبياء ، كما وقد لعب دوراً عميقاً في التحولات ، والتطورات وكان له حظ عظيم جداً في حياة البشر ، وكان بالتالي أقوى ظاهرة في الحياة الانسانية