المادة.
نعم هناك برهان آخر وهو برهان «حدوث المادة» الذي يحكم به العقل وتثبته العلوم الطبيعية وهو أمر يستلزم افتراض وجود محدث لها ، فهو ما سنتعرض له في البحوث القادمة.
وخلاصة القول أن هذا البند يكون بمثابة الكبرى في برهان النظام.
اذن يتكون برهان النظام ـ بعد الاعتراف بقانون العلية المسلم بين العقلاء ـ من :
١ ـ صغرى وهي أن هذا الكون باسره يخضع لنظام دقيق ، وهي حقيقة تثبتها العلوم الطبيعية التي تقدم نماذج من القوانين والمحاسبات الدقيقة في شتى مجالات الكون والطبيعة.
٢ ـ كبرى وهي أن النظام المبني على المحاسبة معلول لفاعل عاقل ، عارف بالنواميس والقوانين في ذلك النظام ، ويمتنع أن يكون من صنع المادة نفسها.
ثم ان طبيعة البحث وان كانت تقتضي تقديم الكلام في الصغری علی الكبرى أي اعطاء نماذج من القوانين والنواميس والسنن والمحاسبات السائدة في الكون قبل بیان ان هذه النظم ليست الا من صنع عقلية جبارة وحكيمة وعارفة هي التي جهزت المادة بهذه النظم ، الا اننا نقدم البحث في الكبرى اولا ليمكن الاستنتاج منها عند ذكرنا لنماذج من القوانين الطبيعية والسنن الكونية الحاكمة في عالم الفضاء وعالم النبات والجماد والحيوان والانسان.
* * *
وينبغي أن نقف ـ قبل أي شيء ـ على معنى النظم.