ما ساد فيه تنظم بمعنی «الترابط الوثيق والتعاون العميق بين أجزاء مجموعة واحدة بهدف تحقيق غاية معينة» لا ينفك ـ عقلا ـ عن دخالة شعور في تحققه.
وهذا هو ما يحكم به العقل في كل موجود ساد في أجزائه الترابط والتعاون والاتساق لغرض تحقيق غاية معينة من دون فرق بین مصنوع وآخر.
فاذاعرفت هذه الحقيقة يبقى أن نستعرض معاً الفرق بين ما هو من فعل المدبر الحكيم وما هو من نتائج الصديق والاتفاق واليك ذلك الفارق بين الصدفة والتدبير.
ان الجميع ـ كما اسلفنا ـ تعترف بالأنظمة العجيبة الدقيقة السائدة على الكون ، غير ان الكلام هو في منشأ هذا النظام البديع المتقن المبني على المحاسبة الدقيقة.
والسؤال المطروح هو : هل هذا النظام الكوني وليد الصدفة ، أم أنه من صنع فاعل خبير ، وصانع عاقل يفوق كل شيء حكمة وعلماً ، ويعرف بكل المحاسبات الدقيقة ، وتحيط بها احاطة كاملة وشاملة؟.
ولكن قبل الإجابة على هذا السؤال لابد من الإشارة إلى أمرين من شأنهما القاء الضوء على هذا المطلب ، والامران هما :
الأول : نقاط الالتقاء والافتراق بين الالهي والمادي :
ان المادي والالهي كليهما يعترفان بخضوع هذا الكون بأسره لنظام الاسباب والمسببات ، أي أن كليهما يعترفان بأن لكل ظاهرة من الظواهر المادية الكونية علة مادية ، بحيث لا تحدث هذه الظاهرة الا عقيب تلك العلة ، وتنعدم بانعدامها ، فما نراه من حوادث طبيعية ما هي الا نتيجة العلل الطبيعية سماوية كانت أو أرضية.
فهطول الأمطار وحدوث البروق والرعود ، كل ذلك وغيره من الظواهر