اكتسح سيل عارم بقية تلك المواد وكومها في نقطة اخرى من الأرض في شكل تل من المواد المتراكمة في غير نظام.
ان مما لاشك فيه هو أن العقلاء ـ من اية أمة او قطر كانوا ـ لو زاروا ذلك القصر البديع ولمسوا ما فيه من آيات الجمال ومظاهر المحاسبة الدقيقة حكموا ـ من فورهم ـ بأنه من صنع مهندس قدیر ومعمار ماهر يتمتع بالذوق الرفيع والفن والابتكار ، لانهم يجدون كل شيء في ذلك البناء قد وضع في محله المناسب ، ولانهم لا يجدون في تلك العمارة الشامخة سوى الترابط والتناسق والانسجام والتناسب.
ولكنهم اذا مروا على التل المكوّم من المواد الانشائية المتراكمة في فوضى وعشوائية سارعوا الى الحكم بان هذا التل غير المنظم من المواد المختلفة وليد أمر غير عاقل لخلوه عن المحاسبة والتنسيق ، ولانهم لا يجدون فيه اي علامة تدل على منظم مدبر.
فالرخام الذي يجب أن يغطي الجدران ملقى تحت الاسلاك ، والانابيب مكومة في جانب ومعوجة ، والاقفال والمفاتيح مطروحة بين الصخور ، والحديد مكدس في زاوية ، وهكذا فوضى في كل شيء ، وتداخل عشوائي ، ووضع عجيب يخلو من النظام ، والترتيب ، ويكشف بجلاء عن فقدان التدبير والتخطيط ، بل وينبئ عن أن فاعل هذا التل ليس سوى الصدفة العمياء ، العديمة الوعي ، الفاقدة للشعور ، والقصد.
اجل هذا هو ابرز مثال يضرب لنموذجين من الظواهر والمصنوعات.
١ ـ ما يكون وليد عقل خبير ذي تخطيط حكيم ، وتدبیر دقیق.
٢ ـ ما یكون ناشئاً عن التصادف الأهوج الفاقد لاي نوع من انواع العقل والتدبير.