ففي الاول نجد المعادلات الدقيقة والمحاسبات المتقنة ، ونجد آثار النظم والتنسيق ، ووضع كل شيء في موضعه المناسب بلا زيادة ونقصان ، وفي الثاني لا نجد سوى الفوضى والعشوائية وسوى الهرج والمرج.
وبهذا نعرف ان «النظام» سمة الامر الناشئ عن تدبير وان «الفوضى» سمة الامر الناشئ عن التصادف.
فاذا عرفت هذا المثال ، وهذه النتيجة فلنستعرض معاً عشر امثلة توضح الفرق بين فعل التدبير وفعل الصدفة.
عشر امثلة على الفرق بين الصدفة والتدبير :
١ ـ لنفترض شخصين جلس كل واحد منهما وراء آلة كاتبة وأراد أن يطبع على الورق البيت الشعري التالي :
وعاجز الرأي مضياع لفرصته
حتى اذا فات أمر عاتب القدرا
وكان احد الشخصين المذكورين «مثقفا» عارفاً بالحروف ، ومفاتيحها «والاخر امياً» لا يعرف الحروف ، ومفاتيحها ثم شرّعا معاً في الضرب على الالة الكاتبة لطبع البيت المذكور ، فان النتيجة ستكون هكذا :
سيضرب الاول ـ بحكم معرفته ـ حرف (و) ثم (ع) ثم (١) ثم (ج) ثم (ز) وهكذا الى آخر البيت ، وسوف لن تمض دقائق معدودة الا وقد طبع البيت المذكور بصورة دقيقة وصحيحة.
بينما لن يتحصل من فعل «الامي» وضرباته العشوائية الجاهلة الا على صفحة طبعت عليها عشرات الحروف المختلفة المصفوفة الى جانب بعضها في غير نظام ، ولا معنى ، بل ولعلنا نجد بينها كلمات تدعو الى السخرية وتثير الضحك لكونها غاية في السخافة واللغوية.