وهناك أمثلة أخرى تلقي الضوء على المسألة ، منها لو ان كل من قام من نومه ورأى الجو مشرقا أذعن بان الشمس طلعت ، وان الاشراق هو أثر الشمس ومع ذلك هناك في المقام احتمال ليس منفیاً بالذات والاصالة ، وهو أن يكون ضوء الجو ناشئاً من قنابل مضيئة انفجرت في الجو ، فاضاءت ما حولها.
وهذا الاحتمال ليس ممتنعا بالذات بل هو أمر محتمل ومع ذلك لا يضر بيقين أي انسان واذعانه ، وما ذاك الا لاجل ان الاحتمال لغاية ضعفه يتراءى في نظر الانسان كالمعدوم.
وبذلك يعلم أن اليقين ذو مراتب ، ففي مرتبة يحصل اليقين بشيء ، ويذعن الانسان بقضية ما مع كون الطرف المخالف أمراً ممتنعاً بالذات.
وفي مرتبة أخرى يحصل اليقين بامر مع ان طرفه المخالف ليس أمراً منتفياً وممتنعاً بالذات بل هو أمر محتمل لا يضر لاجل ضعفه باليقين.
وقس على ذلك مورد البحث.
اشارات القرآن الى هذا الدليل :
هذا وفي الكتاب العزيز ما يمكن أن يكون اشارة الى هذا النحو من الاستدلال ، ومن ذلك قوله تعالی :
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّـهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ. (البقرة ـ ١٦٤)
٢ ـ وقوله تعالى : اللَّـهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ