الوجودي.
وسيوافيك ـ عند طرح ودراسة الاحتمال الثالث ـ بطلان هذا الاحتمال وانه من غير الممكن تفسير كل تلك الفعاليات العجيبة التي تقوم بها الحيوانات بمثل هذه النظرية.
(الاحتمال الثالث) ويذهب هذا الاحتمال الى ان الفعاليات والنشاطات التي تقوم بها الحيوانات تتنوع الى نوعين : نوع يكفي في الاهتداء اليها نفس الجهاز الموجود في جسم الحيوان بما له من التركيب والنظام الخاص.
وفي هذه الصورة يكون نفس ذلك الجهاز المادي بما له من التركيب الخاص كافياً لحدوث تلك الفعاليات وصدور النشاطات من الحيوانات ، ويكون الحيوان حينئذ بمنزلة الاجهزة الميكانيكية التي يكفي مجرد النظم المادي الخاص فيها ، في حدوث وصدور طائفة من الأعمال منها.
والنوع الثاني ما لا يكفي الجهاز المادي فيه لصدور تلك الفعاليات والمواقف منه ، بل يحتاج الى عامل آخر وراء ذلك يبين المسير ويملي على الشيء الموقف اللازم اتخاذه في الحالات غير المتوقعة.
وهذا يتجلى بوضوح عندما يقوم الشيء بعملية الابتكار والاختيار ، فان ذلك لا يمكن أن يستند الى طبيعة النظام الحاكم في الجهاز المادي للشيء لانه ليس للجهاز المادي الا أن يقوم بمارسم له سلفاً لا أن يبتكر أو يختار عندما يلزم ذلك ويتعين على الشيء أن يختار موقفاً أو يعمل عملا ابتكارياً ، وذلك عندما يواجه أمراً غير مرتقب بالنسبة الى ذلك الجهاز ، ولا متوقع.
وصفوة القول : أن الجهاز المادي لا يمكن أن يقوم بعملية الاختيار والابتكار وانما يجري على ما صنع عليه وعبئ فيه ، وصمم عليه وجوده وذلك كالالة الحاسبة فانها بحكم تركيبها الالي ، وما أودع في جهازها من نظام ، قادرة على اجراء العمليات الحسابية الاساسية الأربعة (الجمع والطرح والضرب