والتقسيم) فقط وليست قادرة على أن تصحح ما قد يقع في ذهن صاحبها أو الخطأ الواقع في الرقم الذي يلقيه اليها ، أو أن تبتكر من لدن نفسها نظرية جديدة في الحساب ، فان ذلك يحتاج الى قدرة على الاختيار يفتقر اليها ذلك الجهاز (١).
اذا عرفت هذا فلننظر الى تصرفات الحيوانات والحشرات ، انها تلائم نفسها مع البيئة الجديدة تختار الوظائف ، تبادر الى تعويض العضو التالف منها ، توزع الواجبات ، تختار ...
فاذا لم يمكن اسناد كل ذلك الى العقل لفقدانه في الحيوانات ولا الى طبيعة الجهاز المادي لكونه أمرا غير مترقب في ذلك الجهاز ، يبقى الاحتمال الثالث وهو دخالة عامل الالهام في هداية هذه الحيوانات لاتخاذ ما يجب اتخاذه عند مواقع الاختيار وموارد الابتكار والانتخاب وهو ما يسميه القرآن الكريم بالوحي.
القرآن الكريم والهداية الالهية للحيوانات
ان القرآن الكريم يعزي اهتداء النحل ـ مثلا ـ الى سبل حياتها الى
__________________
(١) الفرق بين ما يقوم به الجهاز المادي وما لا يمكن أن يقوم به هو انه لو كان العمل جارياً على وفق الممنوع أمكن اسناد ذلك العمل إلى الجهاز المادي ، وأما اذا حدث طارئ وصار المصنوع المعين أمام طریقین ، وكان انتخاب أحد الطريقين والعمل على وفقه موجباً لفلاح المصنوع ونجاحه ، فان مثل هذا الفعل والموقف يحتاج لا محالة الى عملية الاختيار ، ولا يمكن اسناده إلى الجهاز ، وما نراه لدى الحيوانات هو من القسم الثاني ، فان الجيوان مضافاً إلى قيامه بالنوع الأول من الأعمال ، يقوم بابتكارات ، واختيارات ، لا يمكن التنبؤ به سلفاً لانه يرتبط بالمستقبل.