مظهر واحد من مظاهر النظام الكوني ، ومورد واحد من موارد التناسق ، مثل النظام السائد على جهاز العين ، أو جهاز الأذن ، أو تركيب الوردة أو مملكة الحيوان مثلا ، وأن جهلنا النظام السائدة في الموارد الأخرى من الطبيعة والكون.
فاننا اذا دخلنا في مكتبة عظيمة زاخرة بالمصنفات والكتب ، وأخذنا كتاباً علمياً وتصفحناه فوجدنا فيه التبويب الجميل والبحث العميق ، والاسلوب الأنيق ، كفانا ذلك في حملنا على الاعتقاد اليقيني الذي لا يشوبه ريب بأن لهذا الكتاب مؤلفاً قديراً ، وان هناك كاتباً عالماً دبج سطوره ورتب فصوله ، وانه لم يكن وليد الصدفة والاتفاق ، أو نتيجة لجرة قلم عابثة.
٣ ـ ان «برهان النظم» يتمشى مع تقدم العلوم وتكاملها ، وانه يمكن الاستعانة به حتى مع تزايد الكشوف العلمية ، وتطور الحقائق والمعلومات لأنها تقدم المزيد من المصادیق الحية لهذا البرهان.
فلبرهان النظام دلالة دائمة وخالدة على وجود الصانع الخبير ، والخالق القدير للنظام الكوني وتجدد العلوم وتكاملها لايثير أية مشكلة في وجه هذا البرهان ، ولا يبليه ، بل يزيده قوة وجدة ، وقد أشرنا الى هذا الامتياز في مطلع برهان النظام.
٤ ـ ان «برهان النظم» سهل المأخذ بحيث يهتدي اليه العالم والجاهل اذ ما من انسان له أدنی ادراك الا ويميز بين الفوضى والنظام ، ويدرك ان النظام يحتاج الى منظم ، وكلما ازداد تنظیم الشيء دل على زيادة عقل منظمه وعلمه.
وبهذا لا يكون فهم هذا البرهان وتناوله مقصوراً على طبقة خاصة ، بل هو برهان جماهيري ، ودلیل يدركه العموم (١).
__________________
(١) هذا الامتياز غير الأول ، فمصب الكلام الأول هو بداهة أركان البرهان ، وانه بحيث لا يحتمل جدلا ، ومصب الكلام هنا هو وبساطة وعمومية هذا البرهان.