٥ ـ أن «برهان النظام» بكشفه القناع عن المواهب الالهية الكريمة السخية في حياة الانسان والعالم المحيط به يزيد من علاقة المخارق بخالقه ، وحبه له ويدفعه دون ارادة منه إلى التسبيح بحمد ذلك الخالق ، والقيام بشكره.
٦ ـ ان القرآن الكريم أعطى هذا البرهان ـ في مباحثه التوحيدية ـ اهتماماً أكبر ، واعتمد عليه أكثر من اعتماده على أي دليل آخر ، بل لم يكتف في الاستشهاد به على وجود الخالق ، انما اعتمد عليه في اثبات التوحيد الخالقي والربوبي أيضاً.
فهو تارة يلفت نظر الانسان الى السير في الافاق والانفس بشكل مطلق ودون تحديد نقطة معينة اذ يقول تعالى :
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (سورة فصلت ـ ٥٤).
ويقول : قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ (سورة يونس ـ ١١).
وتارة يلفت النظر الى آیات آفاقية خاصة ، اذ يقول سبحانه :
خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ * هَـٰذَا خَلْقُ اللَّـهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (لقمان ١١ ـ ١٢).
ويقول : خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (الزمر ـ ٦).
وتارة ثالثة يلفت نظر الانسان الى نفسه وما فيها من أعاجيب الصنع ودقائق