وخلاصة القول : انه لما كان هذا النظام سائداً في كل شيء فانه خفى على غير المحققين والمتنبهين أي أنه كاد لفرط ظهوره أن يخفى على كثيرين.
٨ ـ ان برهان النظام كغيره من البراهين الدالة على وجود الله يتكفل باثبات بعض الجوانب في قضايا العقيدة ، وهو أن لهذا النظام البديع خالقاً عالماً قادراً على خلاف ما يدعيه الماديون من أن هذ النظام نابع من نفس المادة أو انه وليد الصدفة العمياء.
وأما أن هذا الخالق واجب الوجود ، أو ممكن الوجود ، حكیم عادل أم لا ، وما شابه ذلك فهي أمور خارجة عن نطاق هذا البرهان ورسالته بل لابد من استفادته من أدلة أخرى مثل برهان الامكان والوجوب ، أو ابطال الدور والتسلسل أو ما شابه ذلك وناسبه.
ولهذا يتعين على كل طالب أن يقف أولا على رسالة كل برهان ومداه فلا يطلب منه ما هو خارج عن رسالته ، فكل برهان يثبت شيئا من الأشياء وناحية من النواحي لا جميعها كما هو الحال في براهین وجود الله ، سبحانه. وسيوافيك لدى مناقشة ما زعمه الفيلسوف الانجليزي «ديفيد هيوم» ونقد ما طرحه من اعتراضات على برهان النظام ، أن بعض اعتراضاته ناشئة من تصوره الخاطىء بأن برهان النظم بوحده يفي باثبات كل ما يدعيه الالهيون في باب الخالق من اثبات وجوده وصفاته وأسمائه حتی عدالته وحكمته.