المتدينين لمعتقداتهم ، وانهم نزّلوا مفكريهم ومنظّريهم منزلة الالهة التي تتمتع بكل حصانة وقداسة وجلال وعصمة ، الأمر الذي لا يجوز معه نقد آرائهم واعادة النظر في افكارهم ، بل لابد من الخضوع لهم خضوعاً مطلقاً ، وطاعتهم فيما قالوا ـ حتى لو ثبت بطلانه ـ طاعة عمياء لا مجال للجدال والنقاش فيها ابداً (١).
ان هذا التعامل التي يعامل بها الشيوعيون والماركسیون الملحدون معتقداتهم ، والتي تشبه تعامل المتدينين مع عقائدهم تكشف ـ في الحقيقة ـ عن ميل الانسان الفطري نحو الاعتقاد ورغبته الباطنية في تقديس شيء ، والخضوع له فان وجد حقاً والّا نحت من لدن نفسه أموراً يتعامل معها تعاملا دينياً.
ضابطة في تفسير الظواهر الاجتماعية
لقد تصور الماديون لنشأة العقيدة والتدين في الحياة البشرية عللا ودوافع لا تخرج عن اطار العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية.
وقبل ان تعرض لهذه الفرضيات ، ونتصدى لشرحها وتقييمها ونقدها نذكّر القارئ بنقطة هامة وهي أنه لابد من وجود ضابطة نعرف بها أي مورد يصح الباحث الاجتماعي ان يعلّله باحدى العوامل المذكورة وأي مورد لا يصح تعليله بتلك العوامل وأي مورد يسمح له بأعمال الخيال فيه واطلاق العنان له لابداء الفرضيات التي تعلل بها الظاهرة المعينة وأي مورد لا يسمح له بذلك أبداً.
فنقول :
__________________
(١) لاحظ مجرة الأفكار ترجمة شقيق اسعد ص ٣٩.