إنّ العادات والتقاليد والأمور السائدة في المجتمعات البشرية على نوعین :
١ ـ ما يكون لها جذور في أعماق الفطرة ويكون التعامل معها من باب الاستجابة لنداء طبيعي والتلبية الحاجة طبيعية واقعية ، ومن هذا القبيل : الزواج والسعي الى تحصيل المال والجاه والشهرة ، وعناية الأمهات بأولادهن وما شاكل ذلك.
فان لجميع هذه الامور جذوراً عميقة في الروح والنفس الانسانية ولهذا يكون الأخذ بها والانسياق وراءها عملا طبيعياً.
فالزواج تلبية لميل فطري وغريزي لدى الجنسين ، والسعي لتحصيل المال والثروة انجذاب فطري ينبع من حرص الانسان على حياته ، وحبه لبقائها.
وكذلك سعي الانسان الى الجاه ، وحنو الامهات وعنايتهن بأولادهن ، كل ذلك أمور فطرية طبيعية في ذات الانسان ولهذا لا يصح السؤال عن علتها ونحت اسباب لها غير العامل الفطري الروحي.
فلا مجال هنا لان نسأل مثلا : منذ متى ظهرت عادة الزواج ، وماهي أسباب ظهورها اجتماعياً أو اقتصادياً ، لان الميل إلى الزواج ميل فطري يولد مع الانسان وليس لهذه الظاهرة أي علة أو عامل سوی غریزة الانسان ومیله الذاتي.
٢ ـ ما ليس له جذور في فطرة الانسان وعمقه الروحي ، بل هو أمر عارض على حياته لاسباب طارئة ، وذلك مثل الاعتقاد بنحوسة الرقم ١٣ ، والتشاؤم عند رؤية الغراب أو سماع نعيبه وما شاكل ذلك. فانها لا ترجع الى «الفطرة» لوجودها في بعض الأقوام دون بعض ، وفي بعض الأدوار دون بعض ، كما هي لا ترجع الى العقل والمنطق السليم أيضاً.
وحيث انها لا توافق العقل ، ولا ترتبط بالفطرة صح للباحث الاجتماعي