أن ينحت لنشوئها في حياة الناس عللا نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية لكونها ظواهر غير طبيعية ولا واقعية ، ولكونها طارئة على حياة البشر.
فللباحث النفسي أو الاجتماعي أن يتساءل : لاي سبب ظهر الاعتقاد بنحوسة الرقم ١٣ ، وما هي العوامل النفسية أو الاجتماعية الاقتصادية وراء نشأة هذه العقيدة غير الطبيعية.
كما أن للمرء أن يتساءل : منذ متى ولاي سبب صارت رؤية الغراب أو سماع نعیبه سبباً للتشاؤم والحال أنه ليست هناك اية رابطة طبيعية أو عقلية بين الغراب وصوته ، وبين التشاؤم.
اذا تبين هذا فلندرس معاً ظاهرة الاعتقاد بالله في حياة البشر طيلة القرون المتمادية. فنقول : إن الاعتقاد بالله واسناد الكون الى «قوة عليا» قامت بخلقه واسباغ النظام عليه ، لو كان من قبيل الأمر الثاني لصح للعالم الاجتماعي أو المحلل التنفسي اطلاق عنان الخيال لفكره ليبدي الفروض ويطرح المحتملات حتی يقنع نفسه بهذه الفروض ويثبت سبباً أو مبدءاً لنشأة هذه الظاهرة في المجتمع البشري.
واما اذا لم يكن كذلك ، بأن كان الظهور هذه العقيدة علة منطقية ، أو علة روحية فطرية ، فلا يصح هنا اطلاق عنان الخيال ، والذهاب الى التفسيرات الخيالية التي لا يدعمها أي دليل عقلي أو نقلي ، فالخلط بين الأمرين وعدم التعرف على الخطوط التي يجب أن يمشي عليها الباحث الاجتماعي أوجد هذا التخبط.
يبقى أن نعرف أن الاعتقاد بالله ووجود ظاهرة التدين في الحياة البشرية هو من النوع الأول فان هناك بين الانسان وبين الاعتقاد رابطتين احداهما : طبيعية ، والأخرى عقلية وها نحن نتناول كلا الرابطتين بالبحث والشرح :