السحب ، فأي اتصال يحكم على أجزائها؟ وأي تعاون يقوم بينها وبين بقية القطع؟ وأي هدف ينشد من أشكالها التي تخيلها الرائي؟
فهل يكون مجرد انضمام بعضها إلى بعض على وجه الاتفاق اتصالا وتعاوناً على الوجه الذي يحقق غاية خاصة؟
ان أقصى ما يمكن أن يدعيه الانسان في هذه السحب هو أنها اتخذت لنفسها أشكالا بديعة وهيئات جميلة تستحسنها الطباع.
وهكذا الحال في الصبغ المرشوش من البندقية بهدف اللعب على الستار الأبيض الذي تتكون منه هيئات جميلة واشكال بديعة.
ولكن هذا الجمال الخيالي شيء ، والنظام الملحوظ في الكون بالمعنی الذي ذكرناه للنظام شيء آخر.
والشاهد على أن ذلك الجمال الذي ربما يدركه الانسان المرهف الذوق من السحب المتبددة في الجو ، أو الصبغ المرشوش على الستار هو غير النظم ، اختلاف الناس في درك هذا الجمال بل واعتباره.
فليس هذا الجمال مما تدركه جميع الاذواق بشكل واحد فقد يستحسنه بعض ، ويصفه بالجمالية وقد لا يستحسنه آخرون ولا يصفونه بذلك ، في حين لا يختلف في النظام السائد في الساعة أحد ، كما لا يرتبط تقييمه باختلاف الأذواق والسلائق ، وهذا هو الفرق الواضح بين المقامين وهذا هو المصحح لان ينسب أحدهما الى انه من قبيل نسج الذهن دون الأخر.
فان كل من التقت الى الساعة اعترف فوراً بوجود نظام سائد على اجزائها دون اختلاف ، وهذا بخلاف السحب المتناثرة أو الصبغ المرشوش فان كل واحد من الناظرين اليها يصفها حسب ما يؤدي اليه تخيله الذي يختلف عن تخيل غيره.