ثالثا : الاستقراء
وهو تصفح الجزئيات لاثبات حكم كلي.
أو تتبع الجزئيات للحصول على قاعدة كلية ، فاننا اذا تتبعنا أصناف الحيوانات ـ مثلا ـ ووجدنا أنها تحرك فكها الاسفل عند المضغ غالباً اصطادت أذهاننا ـ هنا ـ قاعدة كلية هي : «أن كل حيوان يحرك فكه الاسفل عند المضغ» ولكن هذا القسم أيضاً لا يورث الا الظن كذلك ، اذ من الجائز أن يكون هناك صنف من الحيوانات التي لم نصادفها يحرك فكه الاعلى عند المضغ كما هو الحال في التمساح مثلا.
وهكذا اذا تصفحنا أكثر شوارع مدينة معينة فرأيناها نظيفة ، فان ذلك لا يفيدنا علماً بأن جميع شوارعها على الاطلاق نظيفة اذ يمكن أن يكون هناك شارع على غير ذلك الوصف.
هذا اذا كان الاستقراء «ناقصاً» وأما اذا كان الاستقراء «تاماً» فلا يكون حينئذ حجة من هذا الباب ، لأنه حينئذ وقوف على جميع الأفراد ، وصبّ للعلوم التفصيلية في صورة علم واحد ، وبعبارة جامعة.
ولأجل ذلك قال المنطقيون : «الاستقراء الناقص» لا يورث الا الظن ، و «الاستقراء التام» وان كان يخرج المستقريء فيه بالعلم واليقين الا أن ذلك العلم لا يكون مستنداً إلى الاستقراء بل الى تصفح جميع الأفراد واحداً بعد واحد ، وجمع كل تلك العلوم التفصيلية في علم واحد ، وهو يفارق المراد من الاستقراء.