بل هو «برهان عقلي خالص» يحكم فيه العقل بأمر بعد ملاحظة نفس الشيء وماهيته ، وبعد سلسلة من المحاسبات العقلية ، من دون تمثيل أو اسراء حكم كما يتم ذلك في التمثيل أو التجربة.
وبعبارة أخرى أن النظام بما هو هو محط نظر العقل وملاحظته ومنشأ لصدور الحكم فيه ، فمن ملاحظة ظاهرة ما يتوصل العقل الى ما وراءها من الصانع المدبر والخالق الهادف ، من دون قياسها بشيء أو تشبيهها بشيء أو اجراء تجارب عليها.
أي أن العقل بمجرد الاطلاع على الجهاز بما له من نظم وتناسق وهدفية يحكم بأنه لا يمكن أن يوجد من دون علم أو شعور واسع.
أما كيف يحكم العقل بمثل هذا الحكم وعلى أي أساس يستند فيه فهو ما سنبحثه مستقبلا.
وبهذا يتبين أن تقرير برهان النظام بصورة «الاستدلال التمثيلی» أو «البرهان التجريبي» بواسطة الفلاسفة والحكماء الغربيين ليس الا تقریراً ساذجاً صبيانياً!!
ومن هنا نجد «هیوم» في اعتراضه على هذا البرهان يشير تارة إلى التمثيل والتشابه واخرى الى التجربة ، والحال أن بين «برهان النظام» وقضية التمثيل والتجربة بوناً شاسعاً وبعيداً ، كما عرفت ، كما أن بين التمثيل والتجربة فرقاً واضحاً كذلك.
اذن فتقریر «برهان النظام» تارة بأننا شاهدنا جميع المصنوعات البشرية المنظمة لا تخلو عن صانع ماهر فلابد للكون المنظم من صانع خالق أيضاً لشباهته بتلك المصنوعات البشرية.
واخرى باننا جربنا المصنوعات البشرية فوجدنا انها لا توجد الا بدخالة فاعل