والصغرى «حسية» أي أن الحس يتكفل باثباتها ، والكبری «عقلية» يتكفل العقل باثباتها.
اذا عرفت هذا يجدر بنا أن نقرر برهان النظام كما هو التعرف عدم ارتباط هذا البرهان بالتمثيل أو التجربة ، كما توهم «هیوم» وأضرابه ، ولتعرف أن برهان النظام برهان عقلي محض لا يرد عليه ما يرد على الاستدلال التمثيلي أو التجريبي من اشكالات ، واليك بيان المقدمتين : الصغرى والكبرى.
أما الصغرى : وهي أن الكون جهاز منظم فيقع اثباتها على عاتق المشاهدات الحسية ونتائج العلوم الطبيعية التي تكشف لنا عن مظاهر النظام والتناسق في الكون ، من دون النظر الى كيفية نشأتها وتواجدها ، وقد مر عليك تفصيل الكلام في هذا المجال في الفصول السابقة.
وأما الكبری : وهي أن النظام الكوني من صنع خالق قدير وصانع عليم فاليك بيانها :
عندما يلاحظ الانسان النظام السائد على الكون ينطرح أمامه احتمالان حول مصدر هذا النظام منشأه هما :
١ ـ إما أن يكون النظام المتقن الذي زود به الجهاز قد وجد بدخالة عقل واسع وشعور هادف.
٢ ـ وإما أن يكون قد وجد صدفة ، ومن دون دخالة مثل ذلك العقل والشعور ، وهنا یتدخل العقل فيقضي بصحة أحدهما ، وبطلان الآخر واليك حكم العقل.
أن العقل يحكم برابطة منطقية بين النظم (باركانه الثلاثة : الترابط والتناسق وتوخي هدف معین) ودخالة الشعور ، كما يحكم بر ابطة رياضية بين النظام ودخالة العقل.
على ان كل واحد من هذين التقريرين بيان لبرهان النظام.