٢ ـ ما لا يكون له واقعية مثل موصوفه ، بل ينتزعه الذهن اذا قایسه بشيء كالكبر والصغر ، فان الكبر ليس شيئاً ذات واقعية خارجية ، وانما هي صفة تدرك بالقياس الى ما هو اصغر منه.
وبعبارة أخرى : ان الصغر والكبر وصفان لا يصدقان على شيء الا بعد مقارنته بشيء آخر.
فالارض مثلا يمكن وصفها بالصغر اذا قيست الى الشمس ، وللكبر اذا قيست الى القمر ، فهما لا يدخلان في حقيقة الأرض والا لما صح وصف الأرض بهما معاً.
والشرور من هذا القبيل فهي امور قياسية نسبية لا حقائق واقعية ، فان الشر ليس جزء من ذوات الأشياء وانما هو وصف يتصف به الشيء اذا قيس الى أمر آخر.
قسم الحية والعقرب وغزارة المطر لا تكون شرورة في حد ذاتها واذا ما قیست بنفسها ، بل أن وجودها سبب لكمال أصحابها ، وموجب لبقائها. انما هي شرور اذا قيست الى الانسان وتضرره بها ، وفقدانه لكمالات معينة بسببها.
قسم العقرب مثلا موجب لبقاء تلك الحشرة نفسها لأنه وسيلة لدفاعها عن نفسها فهو خير ولكنه شر اذا قيس الى الانسان ولوحظ تسببه في فقدان حياته.
واذا كان الأمر كذلك (اي لم تكن الشرور امواً ذات واقعية) لم يتعلق بها خلق بمعنى انها لا تكون قابلة للايجاد لكونها أعلامة لا وجودات.
اي ان اتصاف الشيء بالشرية باعتباره امراً قياسياً وعدمياً لا يحتاج إلى موجد وخالق ، وانما يحتاج الى الخلق ذات السم ، وهو ـ كما عرفت ـ ليس شراً بالنسبة الى العقرب نفسه.
وهذا هو معنى قولهم : الشرور لیست مجعولة بالذات بل هي مجعولة بالعرض والتبع.