ينبع ـ في الحقيقة ـ من ضيق نظرته إلى ما يقع في صفحة الكون ، او أنانية تفرض عليه أن يقيس جميع الأمور بمصالحه ومصالح ذويه بحيث لو لاحظ تلك الحوادث بنفسها ومع ما لها من الارتباط الوثيق ببقية الحوادث الأخرى ، وما لها من آثار ايجابية في حياة الناس في أمكنة أخرى ، لما وصفها الا بالخيرية والحسن.
ولقد كان هذا هو التحليل الفلسفي الذي مر ، بيد أن هناك اجابة اخرى على هذا السؤال وهو أن لهذه الحوادث «آثاراً تربوية» مهمة في حياة البشر المادية من جانب ، كما انها توجب ازاحة الغرور ، والغفلة عن الضمائر والعقول من جانب آخر.
واليك فيما يلي توضيح هذه الآثار والثمار واحدة بعد الاخرى :
أ ـ المصائب وسيلة لتفجير القابليات :
يحط الانسان قدمه على هذه الأرض وهو يحمل في كيانه جملة كبيرة من القابليات والمواهب التي تبقى في مرحلة القوى وفي صورة الطاقات المعطلة المخزونة ، الا أن تتوجه اليها صدمة قوية تحرك القابليات ، وتفجر المواهب ، وتظهر المعادن ، وتصقل الجواهر.
وبعبارة واضحة : اذا لم يتعرض الانسان للمشاكل في حياته فان قابلیاته ومواهبه المكنونة بين جوانحه ستبقى جامدة هامدة لا تنمو ولا تتفتح ، بل تبقى في مرحلة القوة والذخيرة المهملة فاذا تعرض الانسان المشاكل والمدن تفتقت فيه تلك القابليات ، ونمت تلك المواهب ، وانتقلت الطاقات الكامنة من مرحلة القوة الى مرحلة الفعلية ، وتفتح فكره ، وتكامل عقله.
ولا يعني هذا أن يعمد الانسان بنفسه إلى خلق المشاكل ، واثارة الشدائد