في عالم الطبيعة ، ولو كان الانسان عارفاً بتلك العلل لما ذهب الى تفسير الظواهر الطبيعية بالعلل الروحية.
هذا هو تحليل الماديين لاسباب اعتقاد المؤمن الالهي وهو ـ بلاریب ـ ان لم يكشف عن سوء نيتهم فهو ـ على الاقل ـ يكشف عن جهلهم بمنطق الالهيين ، والی نظرتهم السطحية الى مسألة الاعتقاد بالله الموجودة في حياة البشر ، منذ أقدم العصور ، وطوال القرون والدهور.
فانه لا يشك أي عاقل منصف واي باحث موضوعي تصفح كتب الالهين وتحري منطقهم ، وراجع اعتقاداتهم في مختلف الحضارات والأدوار التاريخية افي أنهم لم يكونوا قط جاهلين بالعمل الطبيعية ، ولا منكرین للاسباب المادية لما يقع ويحدث من ظواهر طبيعية ، بل اليهم يعود اكتشاف اكثر العلل الطبيعية والتعرف على الأسباب والمسببات المادية كما تشهد بذلك آثارهم ومصنفاتهم العلمية ، ومع ذلك فانهم كانو يعتقدون بوجود العلة العليا التي تنتهي اليها سلسلة العلل لانهم ادركوا ـ في ضوء العقل ونور البصيرة ـ بان الاعتراف بالعدل الطبيعية وحدها لا يكفي في تفسير الوجود ، وتعليل ظاهرة الكون.
اذ لا شك في ان للكائنات الارضية والسماوية ، بل وكل ما في الكون من ظواهر وحوادث طبيعية «عللا طبيعية» انما الكلام هو في علة نشوء «المادة» وحدوثها اساساً ، وفي علة تحليها بالنظام البديع ، ومنشأ ظهور هذه النظم والقوانين والصور السائدة في المادة.
فالسؤال اذن هو : كيف وجدت المادة وهي حادثة؟
وعلى فرض ازلیتها كيف صارت المادة العمياء الصماء ذات نظام بدیع تعجز العقول البشرية عن وصفه والوقوف على أبعاده واسراره؟
فهل يمكن أن تنهض المادة العمياء بافاضة مثل هذا النظام البديع على