وأما التجربة فهي وان قامت على ان لكل معلول مادي «علة مادية» سابقة لكن نتيجتها تختص بالشرائط التي قامت فيها التجربة ، واما تسریة نتيجتها الى بدء الخلقة فغير صحيحة قطعاً.
توضيح ذلك أن التجربة في المختبرات في عالم الطبيعة تقضي بان لكل ظاهرة مادية «علة مادية» وهذا الأمر من الوضوح بمكان ، الا أنه يختص بمجال التجربة فقط ، ولا تعم نتيجتها بدء الخلقة الذي هو محط كلامنا في هذا الدرس حتى يلزم من ذلك الاعتراف بان للمادة الأولى مادة أخرى تحولت اليها.
ولأجل أن يزداد اذعان المادي بان حاصل التجربة يختص بمجال جریانها ولا تتعدی شرائطها لابد ان نلقي نظرة إلى ما يقوله العلماء والبيولوجيون حول نشأة الحياة على الأرض.
ان العلماء والبيولوجيين يصرحون بان الكائن الحي لا يمكن أن ينشأ الا من مادة حية.
ونحن نعترف بهذه الحقيقة غير ان ما ذكروه يختص بمورد التجربة وهو الحياة الحالية التي نعيش فيها ، ولا يشمل بدء الخلقة ، اذ ينطرح هنا سؤال وهو : وكيف نشأت الموجودات الاولى في الكرة الأرضية بعد انفصالها عن الشمس في حين ان العلم يقول : ان الارض كانت يوم انفصالها كتلة ملتهبة لا تصلح الوجود الحياة والأحياء فيها أبداً.
من هنا نستنتج انه من الممكن أن تنشأ موجودات حية من موجودات غير حية في ظروف خاصة وان كان هذا الأمر غير ممكن في الظروف الحالية.
والحقيقة أن منشأ خطأ المادي هو عدم وقوفه في مسير التجربة وموردها الا على فاعل من نوع واحد وهو «الفاعل المادي» ، وتصور ان الفاعل مقول مطلق ، وان العلة على اطلاقها منحصرة بما وقف عليه في مسيرها فأخذ يسأل عن «العملة المادية» التي خلق منها الكون ، ولم يعلم بانه لم يدل اي دليل