وهذه المسألة مطروحة على الالهي دون المادي لان الالهي يعتقد بوجود «علة عليا» للكون بخلاف المادي ، فانه لا يعترف بالعلة العليا أبداً.
نعم يمكن أن يقول المادي ـ من باب المغالطة ـ هب أننا سلمنا باحتياج الكون الى العلة ، ولكن هذا الاحتياج مختص ببداية حدوثه ووجوده ، فانه بعد ان يوجد يصبح في غنى عن تلك العلة للبقاء والاستمرار.
اذا عرفت هذا فلنستعرض ما یستدل به الالهي على معتقده لنرى ما يؤدي اليه النظر من الحقيقة.
حاجة الكون الى العلة حدوثاً وبقاءاً
يعتقد الالهي أن الكون بحاجة إلى «العلة العليا» في حدوثه وبقائه معاً ، ويستدل لذلك بوجهين :
الاول) : الاستدلال على احتياج الكون في حدوثه وبقائه الى العلة من طریق اتصاف الكون بصفة «الامكان».
وتوضيح ذلك : ان الأشياء في عالم التصور تنقسم الى ثلاثة أنواع :
١ ـ ما يكون ضروري الوجود ، بأن يكون الوجود نابعاً من ذاته ، بحيث يكون في غنی ـ في وجوده ـ عن أية علة ، وهذا هو «واجب الوجود» الغني عن كل علة ، والّا لم يكن واجب الوجود ، وذلك كوجود الله الواجب وجوده سبحانه.
٢ ـ ما یكون ضروري العدم بحيث يمتنع عليه الوجود ، فهو يقتضي العدم والامتناع ، وهذا هو «الممتنع الوجود» وذلك مثل اجتماع النقيضين اي ان يكون الشيء الواحد متصفاً بالوجود والعدم في مكان واحد وزمان واحد فهو من المجالات التي يمتنع حصولها ذاتياً.