٣ ـ ما يكون نسبة الوجود والعدم اليه على السواء ، أي انه لا يقتضي بنفسه الوجود أو العدم ، اذ لو كان يقتضي الوجود بنفسه لكان واجب الوجود ولو كان يقتضي العدم بنفسه لدخل في القسم الثاني ، ولكنه يقع في الوسط بين الوجود والعدم دون اقتضاء لاي واحد من الأمرين بذاته ، فلابد لاتصافه بالوجود من وجود علة تجره الى ناحية الوجود ، وتخرجه من حد الاستواء ، وأما في الاتصاف بالعدم فيكفي عدم العلة.
وكونه معدوماً لا يعدّ دليلا على اقتضائه الذاتي للعدم والّا لصار اتصافه بالوجود محالا.
وللمثال نقول : أن عدم وجود ابن لفلان لا يعد دليلا على اقتضاء ذلك الابن للعدم والا لاستحال ان يتصف بالوجود يوماً ما ، اذ اننا نجده يصبح ذا ولد بعد حين.
والكون ـ بمادته وصورته ـ بحكم ما برهن عليه في المسألة الثانية من حدوثه بعد العدم ، يعدّ من الممكنات ، فان الوجود بعد العدم كما هو مقتضى الحدوث علامة على أنه ليس «واجب الوجود» والا لم يكن معدوماً ذات يوم.
كما أن اتصافه بالوجود دليل على أنه ليس من الممتنعات والّا لما اتصف بالوجود ، ولما خرج من العدم الى ساحة الوجود كما هو عليه الان.
ولاجل هذا يعدّ الكون بالنظر الى ذاته ممكناً والممكن هو ما یكون نسبة الوجود والعدم اليه على السواء ، وانما يخرج عن حالة الاستواء من جانب العلة وبسببها ، فما يكون بالذات ممكناً ومحتاجاً إلى العلة فأي فرق بين حدوثه وبقائه ، لانه بعد الحدوث لم يخرج عن كونه ممكناً ، فهذا الوصف بعد ثابت ولازم له بعد الوجود أيضاً ، فهو لم يخرج عن حدّ الامكان ولم يدخل في حدّ الوجوب.