هذا هو الدليل الذي يستدل به الالهي لاثبات احتياج الكون الى «العلة العليا» بقاء احتياجه اليه حدوثاً ، وهو إثر كز على صفة الامكان ، واليك الدليل الثاني.
* * *
الثاني) : لقد اثبتت الفلسفة الاسلامية ان الحركة لا تختص بالحركة في الأعراض والصفات الظاهرية لجواهر الأشياء بل تتعداها إلى نفس جواهر الأشياء ، فهناك حركتان :
أ ـ حركة في الأعراض ، وهي ما كان يقول به الفلاسفه ، أي الحركة في الكم ، والكيف ، والاين ، والوضع.
فالاشياء ـ في نظر هؤلاء الفلاسفة ـ تتحرك في حجمها ، ولونها ، ومكانها ، وأوضاعها (١) دون جواهرها وذواتها.
ب ـ حركة في الجواهر ، وهي التي اكتشفها الفلیسوف الاسلامي الكبير صدر الدین محمد الشيرازي (٧ ـ ١٥ هـ) بمعنى ان التغير والتبدل ، والتحول والحركة تشمل حتی جواهر الاشياء وذواتها.
والحركة الجوهرية التي أثبتها ذلك الحكيم لا تختص بتحول النوع الى النوع الاخر كتحول البذرة الى نبتة والنطفة إلى الانسان فان ذلك صورة بسيطة من تفسير الحركة الجوهرية ، بل يرمي هذا الفيلسوف الى ما هو أعمق من ذلك ،
__________________
(١) فحركه السيارة في الطريق حركة في الاين ، وتغير مواصفات التفاح على الشجر في اللون والحجم حركة في الكيف والكم ، وحركة الرحى على محوره حركة في الوضع ، وهذه هي المقولات الأربع التي اتفقت كلمة الفلاسفة على وقوع الحركة فيها وان اختلفوا في القسم الخامس ، وهو الحركة في جوهر الأشياء وذواتها. وهو الذي اثبته الحكيم الالهي «صدر الدين الشيرازي» ببراهین خاصة.