وبهذا أثبتت الفلسفة الاسلامية انه ليس للبقاء حقيقة الا في النظر السطحي الى الأشياء فانه هو الذي يرى للعالم حالتين : حالة الحدوث وحالة البقاء في حين أن العالم المادي ليس سوى حدوثات مستمرة ، ووجودات متجددة ، أي وجود تلو وجود ، وحدوث تلو حدوث ، ولذلك فهو بحاجة الى ايجاد بعد ایجاد ، واحداث بعد أحداث.
ولنأت لذلك بمثال توضيحي :
تصور مصباحاً كهربائياً مضيئاً. ان الحس يتصور ـ في نظرة سطحية ـ ان الضوء المنبعث من هذا المصباح هو استمرار للضوء الأول ، ولذلك يتصور ان المصباح انما يحتاج الى المولّد الكهربائي في حدوث الضوء فقط دون استمراره في حين أن المصباح الفاقد للاضائة الذاتية ، محتاج في الاضائة الى ذلك المولد في كل لحظة ، لان الضوء الموجود انماهو استضاءة بعد استضاءة ، واستنارة بعد استنارة من ذلك المولّد الكهربائي.
أفلا ينقطع الضوء اذا تعطل المولد الكهربائي عن العمل ولو لحظة واحدة؟ ان هذا يعني ان الاضاءة في ذلك المصباح محتاجة الى ذلك المولد الكهربائي في لحظة الحدوث ، وفي الاستمرار ، لان ما تصورناه استمراراً انما هو امدادات متلاحقة ، واستضاءات متجددة.
ان العالم يشبه هذا المصباح الكهربائي تماماً ، فهو لكونه فاقداً للوجود الذاتي يحتاج الى العلة في حدوثه وبقائه معاً لانه قائم بغيره ، آخذ وجوده من سواه.
__________________
متقدم ومتاخر زمانيين ، والاخر دفعی مكاني يقبل الانقسام الى متقدم ومتأخر مكانيين. وهو كالصريح في ان للاشياء المادية أربعة أبعاد الطول والعرض والعمق والزمان فهو مكتشف البعد الرابع قبل ظهور نظرية النسبية في الفيزياء.