المتأخر عن الوجود مناطة لحاجته إلى العلة مع ان مناط الحاجة يجب أن يكون مقدماً على الوجود؟!
وبعبارة أخرى : ان المقصود من مناط الاحتياج الى العلة ما يحقق علة الاحتياج الى العلة وهذا لابد وأن يبحث عنه قبل وجود الشيء لا بعد وجوده والحدوث مما يلحق بالشيء بعد وجوده لا قبله.
وبعبارة ثالثة : ان الحدوث هو حالة وجود الشيء ووصفه ، وحالة اقتران العلة به (أي لا تطلق صفة الحدوث الا عندما تكون العلة مقترنة بالشيء) وحالة خروج الشيء من العدم إلى الوجود ، في حين ان مناط الحاجة يجب أن يلحظ في حالة لم يخرج الشيء من نطاق العدم الى حيز الوجود بعد.
اذ ان الخروج الى حيز الوجود يكشف عن أن الحادث اقترن بالعلة فبرز الى عالم الوجود فكيف يصح لنا أن نبحث عن مناط الحاجة في هذه الحالة في حين أن مناط الحاجة انما یجب (أو يصح) أن يلحظ في حالة لم يبرز الشيء الى عالم الظهور بعد ، وليست هذه الحالة الا الافتقار الذاتي.
قال الشيخ الرئيس ابن سینا ـ في هذا الصدد ـ : «سبب الاحتياج عند الحكماء هو الامكان ، وعند المتكلمين هو الحدوث وهو باطل ، لأن الحدوث كيفية للوجود متأخرة عنه ، وهو متأخر عن الايجاد المتأخر عن الاحتياج الى الفاعل المتأخرعن علة الاحتياج ، فلو كان الحدوث علة للاحتياج لتأخر عن نفسه بهذه المراتب» (١).
وتوضيحه : ان الشيء يحتاج أولا ثم تقترنه العلة ثانياً ، فتوجده ثالثاً
__________________
(١) شرح الاشارات ج ٣ ص ٧٥ وأيضاً لاحظ كشف المراد في شرح تجرید الاعتقاد للحلى الفصل الأول المسألة التاسعة والعشرون والمسألة الرابعة والاربعون ، والاسفار
ج ٢ ص ٢٣ ـ ٢٤.