فيتحقق الوجود رابعاً فينتزع عنه وصف الحدوث خامساً.
فالحدوث يقع في المرتبة الخامسة فكيف يكون (أي الحدوث) مناط الحاجة الذي يجب أن يكون في المرتبة الاولى؟
ولأجل هذا اشتهر قولهم : الشيء قرر (أي تصور) فاحتاج فأوجدت العلة فوجد المعلول ، فصار حادثاً.
وهكذا يكون الاتصاف بالحدوث متأخراً بمراتب عديدة عن مرحلة الاحتياج الى العلة.
* * *
أدلة الاحتياج الى العلة حدوثاً فقط :
اذا عرفت أدلة القائل باحتياج المعلول الى العلة حدوثاً وبقاءاً فهلم معي نستعرض ما استدل به القائلون بأن الحاجة إلى العلة إنما هي في «الحدوث» فقط ، فقد احتجوا لذلك بأمرين :
الدليل الأول : لو كان الممكن محتاجاً الى العلة في بقائه لكان الاحتياج أما في وجوده الذي كان حاصلا قبل ، وهو محال ، لانه تحصيل للحاصل.
واما في وجود جديد ، وهو خلاف الفرض ، اذ الكلام انما هو في بقاء هذا الوجود القديم الأول.
والجواب : ان الحاجة الى العلة في الوجود والحدوث المتجدد لما مر من تجدد العالم المستمر ، وما نسميه بقاء ليس الا الحدوث المتجدد وتسميته بالبقاء انما هو بالنظر السطحي المسامحي لا الواقعي الدقيق.
والى هذا أشار الحكيم السبزواري في منظومته اذ قال :
وانما فاض اتصال كون شيء |
|
ومثل المجعول للشيء كفيء |