وشرحه بقوله : «انه جواب عما عسى أن يقال : لو احتاج الممكن في حال البقاء الى المؤثر فتأثيره اما في الوجود الذي كان هو حاصلا قبل هذه الحال فهو تحصيل الحاصل ، واما في وجود جدید حادث وهو خلف.
وحاصل الجواب أن التأثير في أمر جديد» (١).
وان شئت قلت : يحتاج الممكن ـ بعد حدوثه ـ الى العلة لاستدامة الافاضة والفيض مثل الفيء والشاخص ، ومثل ضوء المصباح والمولد الكهربائي ، فالبقاء الملحوظ انما هو استمرار الفيض واتصال الافاضة.
الدليل الثاني : لماذا لا يكون العالم كالبناء ، فان البناء بحاجة الى بناء في حدوثه دون بقائه ، او كالساعة فانها بحاجة إلى صانع في حدوثها دون بقائها؟
والجواب هو : ان كلا من البناء والساعة يحتاجان إلى العلة حدوثاً وبقاء أيضاً.
فان البناء احتاج الى البناء ليجمع الطين والحجر والخشب والحديد ويضم بعضها إلى بعض ثم يبقى البناء متماسكاً مستمراً للجفاف الحاصل في المواد الانشائية المستعملة فيه ولقدرتها على التماسك ، ولذلك فان البناء يتهدم كلما ضعفت قدرة تلك المواد على التماسك.
واما الساعة فانها احتاجت في حدوثها الى صانع قدير ، ولكن بقاءها يكون معلولا لقوة ما استخدم فيها من مواد ، وتركيب ما أودع فيها من آلات وهكذا كانت البناية والساعة محتاجتين إلى العلة في الحدوث والبقاء ايضاً.
بل ان البناء نفسه ليس فاعل البناء بل تنحصر مهمته في تحريك المواد من اماكنها ، والحركة هي المؤدية إلى الشكل المؤدي إلى حصول البناء.
قال قطب الدين الشيرازي :
__________________
(١) المنظومة للسبزواري قسم الفلسفة ص ٧٢.