«انا لا نسلم أن البناء فاعل للبناء بل البناء يحدث ميولا قسرية (أي انسياقاً قهرياً غير اختیاري) في الأحجار والالات ويحركها باعتبار تلك الميول الى مواضع معينة فتحصل لها أوضاع واشكال على الترتيب الذي يضعها ، وتلك الأوضاع والهيئات هي البناء ، والبناء سبب لحركات الالات ، والحركات معدات الحصول البناء» (١).
والى هذا اشار الحكيم «السبزواري» في منظومته اذ قال في ذيل كلامه السابق «ومثل المجعول للشيء كفيء» :
«ولما تمسكوا بمثال البناء والبناء هدمنا بناءهم عليهم بأن مثل المعلول بالنسبة الى العلة كمثل الفيء بالنسبة الى الشاخص فانه تبع محض له يحدث بحدوثه ويبقى ببقائه ، ويدور معه حيثما دار.
اضف الى ذلك أن البناء ليس علة للبناء بل حركات يده علل معدة لاجتماع اللبنات والاخشاب وذلك الاجتماععلة لشكل ما ، ثم بقاء ذلك الشكل فيها معلول لليبوسة المستندة الى الطبيعة» (٢).
وفي الختام نأتي بكلام للحكيم الاسلامي الشيخ الرئيس «ابن سینا» فانه في كلامه الموجز اشار الى المسألة والنزاع الواقع فيها واشارالی دلائل الطرف الاخر اذ قال :
«انه قد سبق الی الاوهام العامية أن تعاق الشيء الذي يسمونه مفعولا بالشيء الذي يسمونه فاعلا هو من جهة المعنى الذي يسمي به العامة المفعول مفعولا ، والفاعل فاعلا ، وتلك الجهة أن ذلك أوجد وصنع وفعل ، وهذا أوجد وفعل
__________________
(١) راجع تعاليق شرح الاشارات للمحقق قطب الدین الشیرازي ج ٣ ص ٦٨.
(٢) المنظومة للسبزواري قسم الفلسفة ص ٧٢.