المجهولة العلل.
ومن هنا نجد بعض الماديين ينادي بتنافي العلم والدين بعد أن ذهبوا الی التحليل المذكور لان «العلم» عندهم يسند الأمور الى عللها الطبيعية ، ويكشف عن العلاقات المادية بين الظواهر الطبيعية ومناشئها ، بينما يسند «الدین» كل تلك الظواهر والحوادث الى علة واحدة يقيمها مكان جميع العلل الواقعية.
ولهذا أيضاً ذهبوا الى أن تقدم العلوم ونجاحها في كشف الموضوعات الطبيعية ، والسن المحاكمة في الكون يزعزع مكانة الدين ، ويوجب انحسار الاعتقاد بالخالق ، وتراجعه الى زاوية النسيان.
قيمة هذا التحليل
ان هذا التحليل يواجه ثلاثة مؤاخذات هي :
اولا) : أن ما یؤخذ على هذه الفرضية هو عين ما أخذ على سابقتها وهو ان افتعال مثل هذه الفروض والاحتمالات وارتكاب مثل هذه التعليلات والتفسيرات انما يصح في الأمور والعادات التي لم يكن لها علة واقعية ـ روحية او منطقية ـ عند ابناء البشر.
واما عندما يكون للعادة أو الحالة سبب واضح ـ كما هو الحال في مسألة الاعتقاد بالله ـ فلا مجال لمثل هذه التعليلات ، بل هي حينئذ تكون ضرباً من الخيال الذي تأباه العقول السليمة ، ويرفضه المنطق السوي.
* * *
ثانياً) : ان هذا التحليل ينم عن جهل صاحبه باعتقاد الالهيین ومنطقهم على اختلاف مسالكهم ومشاربهم.
فان الاعتقاد بخالق للكون باعتباره العلّة العليا ـ عند الالهيين ـ لا يعني