وبعبارة أخرى : ان الانسان يجد ـ في ظروف معينة ـ حقيقة في كيانه في غير جسمه وأعضائه وجوارحه.
وادراك تلك الحقيقة في تلك الظروف من أوضح الادراكات لديه.
وهذه الظروف هي :
١ ـ أن يكون في جو لا يشغله فيه شاغل ولا يلفت نظره لافت.
٢ ـ أن يتصور انه وجد في هذه اللحظة بالذات وانه كان قبل ذلك عدماً ، ليقطع صلته بماضيه وخواطرها قطعاً كاملا.
٣ ـ أن يكون صحيح العقل سلیم الادراك الفكري في تلك اللحظة.
٤ ـ أن لا يكون مريضاً حتى لا يلفت المرض انتباهه اليه.
٥ ـ أن يستلقي على قفاه ، ويفرّج بين أعضائه وأصابع يديه ورجليه حتی لا تتلامس فتجلب انتباهه اليها.
٦ ـ أن يكون في هواء طلق معتدل لا حار ولا بارد ويكون كأنه معلق في الفضاء ، حتى لا يشغله وضع المناخ ، أو يلفته المكان الذي يستند اليه.
في هذه الحالة ـ التي يقطع الانسان كل علاقاته بالعالم الخارج عن نفسه تماماً ، ويتجاهل حتى أعضائه الداخلية والخارجية ، ويجعل نفسه في فراغ من كل شيء سيشعر بذاته ، أي انه سیندرك شيئاً غير جسمه وأعضائه وأفكاره ومحيطه وتلك هي «الذات الإنسانية» أي الروح أو النفس الإنسانية ، التی لا یمكن ان تفسر بشيء من الأعضاء والحواس والقوی.
وهذه البينونة اظهر دليل على ان للانسان وراء جسمه واعضائه المغفول عنها في بعض الظروف «حقيقة» واقعة غير منغفل عنها أبداً ، وان الانسان لیس هو جسمه واعضاؤه وخلاياه.
ولقد اشار العلامة الطباطبائي الى هذا البرهان بقوله :