يسع دماغنا الصغير الحجم صور هذه الاشياء العظيمة ، والافاق الرحبة والواسعة وكيف توجد صور هذه الأشياء الكبيرة جداً في تلك المساحة الصغيرة التي يتألف منها الدماغ المدرك للاشياء.
ان المادي عندما وقف على هذا البرهان وعرف بوجدانه ان الصور الكبيرة لا يمكن ان تنطبق على جسم صغير دافع عن معتقده بقوله : ان الصور الكبيرة لم تكن في أول ادراكها صورة كبيرة خارجة عن مقدار المخ وحجمه ولكن التفاعلات داخل المخ هي التي ادت الى تكبير الصورة بعد ذلك.
اننا لا ننكر ـ كما اسلفنا ـ دور العدل الطبيعية للابصار ، ولا التفاعلات التي تنتهي الى تكبير تلك الصور في الذهن ، ولكن هذا لا يرفع الأشكال وهو كيف يمكن ان تنطبق الصور العظيمة بعد تكبيرها ملايين المرات أكثر من المخ على هذا الجهاز الصغير ، واین محل هذه الصور الكبيرة ، بعد التفاعلات الفيزویاية والكيماوية داخل المخ؟
هل يمكن ان يتم ذلك اذا كان لهذه الصور واقعاً مادياً؟
الا يدل ذلك على أنها موجودات مجردة لا تشغل حيزاً كما هو الحال في المادة ، ولذلك تقوم بالذهن حتى اذا كان حجمها أكبر من المخ.
أجل ان الالهي يعتقد بان هذه الصور التي يسميها بالمعقولات أو الصور العلمية أمور مجردة عن المادة ، (وبعبارة أخرى ادق) لها تجرد برزخي أي ان لها طولا وعرضاً وعمقاً دون أن يكون لها جرم وثقل.
__________________
وبعضها في الهواء المحيط بنا اذ الهواء ليس من جملة أبداننا ولا هو آلة لنفوسنا في أفعالها فبما أن محل هذه الصور أمر غير جسماني وهوالنفس الناطقة ثبت تجرد النفس عن كونها مادياً. وهذا البرهان منقول عن الحكیم الالهي «افلاطون» (الأسفار لصدر المتألهين ج ٣ ص ٤٧٩).