جديد ، وهذا بخلاف النفس في ادراكاتها فانا كثيراً ما تحدث فينا صورة علمية بسبب فكر أو تعلیم ثم يزول عنها تلك الصورة عند الذهول أمكنها استرجاع تلك الصورة لذاتها من غير استيناف ذلك السبب.
وبالجملة النفس من شأنها أن تكون مكتفية بذاتها في كمالاتها ولا شيء من الجسم (أي الموجود المادي) مكتف بذاته فالنفس تعالت عن أن تكون جرمية (أي مادية ذات جرم) (١).
تقرير البرهان بنحو آخر
ان الدماغ وما فيه يتبدل ويتحلل بمرور الزمان ومضي بضع سنين ، فلو كانت حقيقة العلوم هي نفس الاثار المادية المنطبعة في الدماغ لما كان للتذكر مفهوم صحيح.
وبعبارة أخرى : لو كانت ادراكات الانسان وعلومه متمركزة في هاتيك الأعصاب لما كان للتذكر والاسترجاع مصداق حقيقي بعد فناء تلك الاعصاب وقيام غيرها مقامها بعد أعوام لاتتجاوز العشرة ، ويصير موقف العلم الحاصل ـ عندما يسمى بالتذكر ـ موقف العلم الجديد الذي لم يقف عليه الانسان حتى الان.
وربما يقول المادي في جواب ذلك : ان الأجزاء القائمة مقام الأجزاء المتحللة من المخ تحمل خواص المتحلل منها بمعنى أن خواصها تنتقل اليها بعينها ، بل المراد هو ان الاجزاء الجديدة تحمل آثاراً وخواص تشابه آثار الاجزاء المنعدمة ، وبما أن التبدلات في خلايا المخ تحدث بسرعة خاصة بحيث لا يقدر الانسان على تشخيص الجزء الزائل ، والجزء النائب منابه ، يتخيل
__________________
(١) الأسفار الأربعة للحكيم الالهي صدر الدین محمد الشيرازي ج ٨ ص ٣٢.